responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غرائب الاغتراب نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 92
) وممن اجتمعت به ليث غابة الصلاح المزري بليث الوغا. حضرة الشيخ الشهير بحاج عارف أغا (كان في سالف الزمان. عربه جي باشي عند المرحوم السلطان الغازي محمود خان. فدعاه للعمل بمقتضى ما وضعه من القوانين بعد حادثة بني الأصفر. فقال لا أفعل ذلك أبداً ولو ارتديت أردية الموت الأحمر. فترك خدمة عربته. واشتغل بمحو خطيئته بمياه عبرته. واعتاض عن درهم سلطانه. بدينار ربه وإحسانه. وقام نشطاً لخدمة مولاه. شاكراً على توفيقه سبحانه إياه.
وإذا حلت الهداية قلباً ... نشطت للعبادة الأعضاء
فهو منقطع للعبادة الآن. في زاوية تجاه باب جامع السلطان أحمد خان. قرب العمود المصور. الذي ذكرناه فيما مر. وقد غدا للمجاذيب مغناطيساً. ولهم بعد الله عز وجل أنيساً. فما من مجذوب في إسلامبول كائناً من كان. إلا وهو آتٍ لزيارته كما يأتي السمك لزيارة صخرة حقلان. بيد أن هاتيك الصخرة. يزورها السمك في السنة مرة. وهو مزور كل مجذوب. في كل يوم عند الطلوع والغروب. فكان رسوله إليهم الشمس في طلوعها وغروبها. أو الريح في سكونها وهبوبها. وكذا فقراء الغرباء إليه يهرعون. وفي رياض إكرامه يرتعون. ومن حياض أنعامه يترعون. وهو في كثرة السيب. كأنما ينفق من جيب الغيب. وقد رأيته فيما سلكه. لم ينصب دينه لدنياه شبكة. ولو كانت الدنيا له عشيقة. ما طلقها ونكح بدلها الطريقة. وقد رأيت معظم مشائخ إسلامبول. يبيعون المنصب للمعزول. يأتون إليه فيقولون هل لك أن تعطينا كذا مقداراً من ذهبك. فنعيدك بالهمة القلبية إلى ما كنت فيه من ذاهب منصبك. وإن لم يتيسر ذلك. أعطيناك منصباً غيره أعلى من السماك. ومجانين المناصب. ملء المشارق والمغارب. فيساندونهم على ما وقع بينهم ودار. فإن صادف القدر ضاعفوا لهم عن طيب نفس ذلك المقدار. وإلا أعطوهم بعض ما وقع عليه الكلام. وعادوا يرجون الهمة منهم في أن يعيدوهم ولو بعد أعوام. وقد يفعلون مثل هذا الفعل الرذل. مع من يروم منصباً لم يكن هو فيه من قبل. واتفق أن كتب بعض الأشهاد. على بيع بعض المشايخ لبعض الناس وزارة بغداد. فاجتهد البائع في أعمال الهمة وجد فما وقع في يد المشتري بعد الجهد الجهيد غير السند. ولم أر عند هذا الشيخ مثل هذه الحيل. نعم عنده مبشرات لمن لاذ به من أهل الدنيا واتصل. ولقد رأيته ذا نفس غنية. قلما يقبل من أحد هدية. وأظنه ضعيف الحال. قد كفي بكف القناعة ذل السؤال. ومع ذا قد شارك الفقراء فيما عنده. ولم يمنع من أتاه مسترفداً رفده. وما أجل القائل. من الأوائل الأفاضل:
وأني لأخفي باطني وهو موجع ... فينظر مني ظاهري وهو ضاحك
وأسأل عن حالي وبي كل فاقة ... فأوهم أني للعراقين مالك
وأظن الأجل من هذا القائل من كان في حاله مثله. لكنه كتم أمره فلم يقل في إظهاره قوله. وبالجملة إن هذا الشيخ بالنسبة إلي أكثر من رأيت هناك من الشيوخ. يعد ذا صلاح أخذ بمنطقه الجوزاء مع مزيد استقامة ورسوخ. وقد استجازني ببعض الأحزاب. فأجزته بالشرط المعتبر عند الأصحاب. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من العلماء العاملين. ويمن علينا بالكون في معية الصادقين.
) وممن اجتمعت به أيضاً من المشايخ ذو الخلق الوردي. الشيخ المولوي قدرة الله أفندي (وهو شيخ مولوي قد أضعف الكبر في الجملة سمعه. وله تكية في غلتا ترتع فيها ظباء أو أنس كل أسبوع بعد صلوة الجمعة. ولقد حضرنا حلقة ذكره وفيها ولدان بدور. فلولا أن تولى حضرة مولانا تعالى شأنه قلوبنا لكانت الدوائر عليها تدور. ولا غلب الرجال ميل إلى هذا الشيخ كثير. وهو مع المشيخة يكتسب ببيع الأسير. وربما يحضر فيما بين. للاستشفاء بقراءته من نحو وجع رأس أو عين. ويقال أن سبب تسميته بقدرة الله. أنه بعد موت أمه نظر بعين الولادة دنياه. ومن هنا مالت إليه النفوس. ولم يعلموا أن مثله في ذلك أغستوس. وبالجملة قد رأيته ذا أخلاق سنية. كأغلب مشايخ الطريقة المولوية. وليس عنده من المحاسن سوى حسن الأخلاق. ولولا ذلك لكان بينه وبين سائر النخاسين أتم وفاق.

نام کتاب : غرائب الاغتراب نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست