responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غرائب الاغتراب نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 85
ولا تخلو هذه الأبيات عن مجازفة واعتساف. وخروج بين عن دائرة الإنصاف. فالحق أن في مدرسيهم علماء محققين. بيد أن أكثرهم اليوم غير منصفين. وكذا في مرشديهم فحول. نعم يوجد في التكايا عور عن الإرشاد أولاً فحول. وعلى هذا القياس. وعاظ الناس. وهكذا الشأن. في معظم البلدان. فأي بلدة كل تكياتها مقاعد صدق وإجلال. ومعاقد ألوية أقطاب وأبدال. وأي مملكة كل مدرسيها أجلة. وهل تبدو الأقمار قبل أن تبدو أهلة. وأي الأمصار. كل من وعاظه ابن الجوزي أو ابن عمار. وقد نسجت هذه الأبيات على منوال بيتين للإمام. هما الحقيقتان بالقول عند ذوي الاستدلال من العلماء الأعلام. وهما:
لقد طفت في تلك المعاهد كلها ... وسرحت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كف حائر ... على ذقن أو قارعاً سن نادم
ثم أن هذا الوكيل الأصيل. والجليل النبيل. لما رأى حضرة السلطان فضله. نصبه من بين الأقران معلماً له. فخلع نفسه من هاتيك الوكالة. وزهد فيها زهد الحجاج في تبالة. ودعى إليها رجل فضله مسلم الثبوت. يدعى يحيى أفندي فكاد من غمه يموت. وقد سمعته يقول لشيخ الإسلام. أيليق هذا بذا ويضع يده على شيب كالثغام. فقلت له يا مولاي إن كان هذا مما يرضي رب الأرباب. فهو كما لا يخفك لذا الشيب الطاهر نعم الخضاب. وإن كان من الكبار أو اللمم. فكيف يدعوك إليه شيخ الإسلام ومرشد الأمم. فقال هو طلعة. لو أقيم عرياً عن بشاعة. ولعمرك أن هذه الإقامة. متعذرة إلى أن يقوم مؤذن القيامة. فدعى إليها رجل فضله على ما يزعمون جلي. يدعى بين الناس بمصطفى أفندي الودين لي. فجاء يتعثر بأذيال السرور. ويود لو طار بأجنحة النسور. فقبل يد شيخ الإسلام وقبل منه الوكالة. وحل في الحال بأنامل الشكر من جراب أدعيته الوكالة. وسيأتي إن شاء الله تعالى ترجمة هذين الرجلين. وأسأل الله تعالى أن لا يذيق لسان قلمي صاب افتراء ومين. والله سبحانه الموفق للصواب. ومنه المبدأ وإليه المآب.
) ومنهم الفاضل الأوحدي. ذو الجناحين حضرة يحيى أفندي (. وهذا أحد الرجلين اللذين وعدناك آنفاً بترجمتيهما. وذكر ما وقفنا عليه سماعاً ومشاهدةً من صفتيهما. واشتهر هذا الفاضل بمعلم أولاد نجيب باشا. وكان قد ربط له بسبب التعليم مسكنا وكسوة ومعاشاً. وهو رجل قد ناهز القبضة. وسطا عليه الدهر بكلكلة ورضة. له انتساب إلى الطريقة النقشبندية. وانسلاك في سلك الطائفة الخالدية. واطلاع على مغزى السادة الصوفية. وعروج إلى حظائر مقاصدهم القدسية. وتضلع من علمي المنقول والمعقول. وانهماك في علمي الفروع والأصول. وهو من التواضع على جانب عظيم. ومن الشفقة على أهل العلم ما يظن معها أنه أب حميم. وفيمن أجازهم كثرة. حيث انه أجاز على القانون المقرر هناك غير مرة. والمشهور أنه اليوم أعلم المدرسين. وأنا أقول أنه اجتمع فيه من المحاسن ما لم يجتمع فيهم أجمعين. وقد اجتمعت به مراراً. فرأيت سحائب محاوراته بوابل العلم غزاراً. وكان إذا سألنا في مجلس لا يسبقني بجواب. ويسبل على عوراء جوابي بكرمه أضفى نقاب. وكان ذا ديانة وعفة نفس. ويشهد لذلك طي كشحه عن قبوله وكالة الدرس. وبالجملة كان بالفضل مشهوراً. وعن لذائذ الدنيا الدنية حصوراً. كثر الله تعالى في العلماء أمثاله. وأدام على طلبة العلم أفضاله.
) ومنهم ذو الفضل الجليل الجلي. حضرة إسماعيل أفندي الأقسقه لي (نسبة تركية إلى أقسقه بفتح الهمزة وكسر القاف الأولى وسكون السين المهملة وفتح القاف الثانية وهاء آخره. ممالك كرجستان التي فاقت نساؤها في جهاد الأرس رجال أكثر البلدان. ومن هنا يقال له كرج إسماعيل أفندي على معنى أنه من ذلك الإقليم وليس المراد أنه كرجي بالمعنى المعروف عندنا. وقد استولى الأرس على أقسقه زمن المرحوم السلطان محمود خان. ولم ينفع جهاد أهلها الذي لم يسبق مثله فهي اليوم تحت تصرفهم. وهي قريبة من أرزن الروم مثل كركوك من بغداد. وأظن هذا الرجل هاجر منها بعد استيلاء الكفرة عليها إلى إسلامبول. وهو شيخ فاضل. وعالم عامل. ذو عفة مع فقر حال. وغناء نفس مع كثرة عيال. لا يداهن أهل الدنيا. ولا يخطر بباله بالذل طلب الرتب العليا. يقول لسان حاله. مخالفاً لقال أمثاله:
لا أبتغي الرتبة القعسا وسلمها ... نقصي ولو خدمتني السبعة أشهب

نام کتاب : غرائب الاغتراب نویسنده : الآلوسي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست