) ومنها (ما جرى من محكم الكلام في أمر المتشابه. فأحسست أن له ميلاً إلى مذهب السلف الذي تمذهب أكثر المحققين به. فشكرت ربي. وكاد يطير من مزيد الفرح قلبي. فقلت يا مولاي يشهد لحقية مذهب السلف في المتشابهات وهو إجراؤها على ظواهرها مع التنزيه) ليس كمثله شيء (إجماع القرون الثلاثة الذين شهد بخيرتهم خير البشر صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يدل على أن الشارع أراد بها ذلك. والجزم بصدقه دليل على عدم المعارض العقلي في نفس الأمر وأن توهمه العاقل في طور النظر والفكر وكذا خلوه عن القول في الله تعالى بحسب الظن اللازم بحسب الظاهر لمذهب المؤولين) وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً (ولجلالة شأن ذلك المذهب ذهب إليه غير واحد عن أجلة الخلف.) منهم (إمام الحرمين قال في الرسالة النظامية) اختلف مسالك العلماء في هذه الظواهر فرأى بعضهم تأويلها والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن. وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجلاء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله عز وجل. والذي نرتضيه رأياً وندين الله تعالى به عقيدة اتباع سلف الأمة. للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة. فلو كان تأويل هذه الظواهر حتماً لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة. وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المنيع انتهى (. والاقتصار على الصحابة والتابعين بناءً على المشهور. وإلا فقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن أهل العصر الثالث وهم فقهاء الأمصار كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم وكذا من أخذ عنهم من الأئمة على ذلك أيضاً.) ومنهم (الإمام أبو الحسن الأشعري فإن آخر أمره الرجوع إلى ذلك المذهب الجليل بل الرجوع إلى ما عليه السلف في جميع المعتقدات. قال في كتابه الإبانة الذي هو آخر مؤلفاته بعد كلام طويل) الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون. وبما كان عليه أحمد بن حنبل نصر الله تعالى وجهه قائلون. ولمن خالف قوله مجانبون. انتهى (وهو ظاهر في أنه سلفي العقيدة. وكيف لا والإمام أحمد علم في ذلك ولهذا نغص لميه من بين أئمة الحديث. ويعلم من هذا أن ما عليه الأشاعرة غير ما رجع إليه أمامهم في آخر أمره من اتباع السلف الصالح فليتهم رجعوا كما رجع. واتبعوا ما اتبع. وإلى ذلك أيضاً ذهب السادة الصوفية. كما لا يخفى على من تتبع آثارهم. واستقرأ أخبارهم.) ومن ذلك (ما حكاه عن الشيخ الأكبر محيي الدين قدس سره تلميذه الشرف إسماعيل بن سودكين في شرح التجليات) ونصه (لا يجوز للعبد أن يتأول ما جاء من أخبار السمع لكونها لا تطابق دليله العقلي كأخبار النزول وغيره لأنه لو خرج الخطاب عما وضع له لكان بالخطاب فائدة. وقد علمنا أنه عليه الصلوة والسلام أرسل ليبين للناس ما أنزل إليهم. ثم رأينا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مع فصاحته وسعة علمه وكشفه لم يقل لنا أنه ينزل رحمته ومن قال ينزل رحمته فقد حمل الخطاب على الأدلة العقلية والحق تعالى ذاته مجهولة فلا يصح الحكم عليه بوصف مقيد معين والعرب تفهم نسبة النزول مطلقاً فلا تقيده بحكم دون حكم خصوصاً وقد تقرر عندها أنه) ليس كمثله شيء (فيحصل لها المعنى مطلقاً منزهاً. وربما يقال لك هذا يحيله العقل فقل الشأن هذا إذا صح أن يكون الحق من مدركات العقول حتى تمضي عليه سبحانه أحكامها انتهى.) وفي الغنية (للقطب الرباني. والهيكل الصمداني. سيد الشيخ عبد القادر الكيلاني. قدس سره. غنية في هذا المقام. عن سرد لصوص أولئك السادة الفخام.) ثم قلت (يا مولاي قد تلخص لي من تتبع كلام المحققين كالعلامة ابن حجر الهيتمي في كتابه التعرف. في الأصلين والتصوف. أن في المتشابهات ثلاثة مذاهب) الأول (التأويل أي الصرف عن الظاهر وتعيين المراد فيقال في الاستواء مثلاً ليس المراد به ظاهره بل المراد به الاستيلاء.) الثاني (ترك التأويل بمعنى ترك تعيين المراد وتفويضه إلى الله تعالى مع الجزم بأن الظاهر غير مراد. فيقال في ذاك مثلاً ليس المراد به معناه الظاهر والله تعالى أعلم بمراده منه. ومع هذا فالظاهر على ما قيل أنهم يجزمون بأن ذلك المعنى الذي فوضوا تعيينه إليه سبحانه