وجهه انه لما كان كون أحد ابن عم لآخر مستلزماً لكون الآخر ابن عم له وكذا كان كون أحد ابن خالة لآخر مستلزماً لكون الآخر ابن خالة له صحت الإضافة المذكورة وأغنت عن تثنية المضاف إليه بخلاف ابني الخالة والعمة فإنه لما لم يكن أحدهما مستلزماً للآخر بل وقوعه في بعض المواد كما لا يخفى تصوره لم تصح الإضافة فيهما إلى المفرد بل احتيج إلى تثنية المضاف إليه بأن يقال ابنا عمتين وابنا خالين انتهى) وكتب (الذكي اللوذعي. والفطن الألمعي. خزانة علم آبائه. وتذكرة أقدام حيدر وآبائه. ذو الخلق العطر الندي. حيدري زاده محمد أمين أفندي.) ما نصه بعد نقل عبارة القاموس السابقة (قيل سبب حة إطلاق القولين الأولين دون الأخيرين مجرد الاستعمال وعدمه وهذا لا يسمن ولا يغني من جوع. وقيل تحققهما دونهما. وفيه أنه لا فرق بينهما في التحقق والوقوع بل لا بد عند التحقق من تحقق الأخيرين كليهما جميعاً في صورة واحدة ولا يمكن انفكاك كون الابنين ابني خال عن كونهما ابني عمة وبالعكس بلا مرية وصورة ذلك ما إذا تزوج عمرو بأخت زيد وزيد بأخت عمرو وولد لكل منهما ولد فإنه لا شبهة في أنه يصير عمرو خالاً لابن زيد وزيد خالاً لابن عمرو فيكون الولدان ابني خال وابني عمة جميعاً بغير فرية. فلعل السبب في ذلك هو أن المراد من قولهم هما ابنا عم كون كل منهما ابن عم الآخر فيكونان ابني عمين لا عم مع أنه قيل ابنا عم لكن لما كان للعمين جهة وحدة جامعة هي الأخوة مصححة لأن يجعلا عماً واحداً ويسند الولدان إليه فيقال هما ابنا عم. لم تكن للعمتين جهة وحدة وكذلك مصححة لأن تجعلا واحدة ويسندان إليها صح هناك ولم يصح هنا وكذلك لوجود تلك الجهة المصححة في الخالتين وعدم وجودهما في الخالين صح الجعل المذكور في الإسناد فيهما دونهما. ويمكن أن يكون السبب في صحة إطلاق الأولين دون الأخيرين استلزام كون أحد ابن عم أو ابن خالة لآخر كون الآخر ابن عم أو ابن خالة له وليس هذا الاستلزام موجوداً في الأخيرين لأن كون أحداً ابن خال أو ابن عمة لآخر لا يستلزم كون الآخر ابن خال أو ابن عمة له بالبداهة فلوجود الاستلزام وعدمه في الأخيرين صح إطلاقهما دونهما وهذا ما خطر لفكري الفاتر. وأرجو أن يكون مقبول كل خاطر. انتهى وما عبر عنه يتمكن هو توجيه ابن ابن ابن عم أبيه وكان قد سبقه إليه. وتوارد الخاطر. لا ينكر وقوعه بين الأذكياء الأكابر. ويمكن أن يقال في سبب ذلك أن غالب العرب في كل عصر حتى اليوم لا يميلون إلى الخال ومن هنا العامة يقولون الخال مخلي. وربما يستأنس فس ذلك بأنهم لا يستعملون مخول بمعنى كريم الأخوال إلا مع معم وكذا غالب الأخوال لا يميلون إلى أبناء أخواتهم ومن هنا تسمع العامة أيضاً يقولون اصنع لك ابن أخ تمن طين. واضرب رقبته وربما يقال اقطع منه الوتين. ولعدم الميل الطبيعي إلى الأخوال لا يعدون ابني الخالين ابني خال. أي ابني شخص واحد حكماً فلا يفردون. وهذا بخلاف العم فإنهم يميلون إليه حتى أنهم يطلقون عليه الأب ومنه قوله تعالى) وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر (بناء على ما ذهب إليه غير واحد من أن آزر كان عماً لإبراهيم عليه السلام وأن أباه الحقيقي تأرخ أخو آزر وجاء رجل معم من غير أن يضم إليه مخول ولذلك الميل يعدون ابني العمين ابني شخص واحد حكماً فيفردون ويقولون ابنا عم وهم في الميل إلى الخالة والعمة على العكس فيعدون الخالة كالأم وقد ورد في الحديث الخالة أم. وقيل في قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام) ورفع أبويه على العرش (أن المراد بأبويه أبوه وخالته لأن أمه قد ماتت قبل القصة وإحياؤها غير مسلم والاستدلال عليه بهذه الآية استدلال بمحل النزاع وكذا ميل الخالة إلى ابن أختها أشد من ميل العمة إلى ابن أخيها ومن هنا قدمت الخالة على العمة في الحضانة فيقال في سبب توحيد الخالة في ابنا خالة وعدم توحيد العمة نحو ما قيل في سبب توحيد العم في ابنا عم وعدم توحيد الخال. مما سمعت آنفاً من المقال. ويمكن أن يجعل مجموع ما نقلناه وما قلناه سبباً لما ذكره صاحب القاموس. فتأمل فكم خبايا أودعها الله تعالى في زوايا النفوس.