إفرنجة
في وسط الإقليم الخامس، هواؤها غليظ لشدة بردها، ومصيفها معتدل، وهي بلاد كثيرة الفاكهة، وغزيرة الأنهار المنبعثة من ذوب الثلج، ومدائنها متقنة الأسوار، محكمة البناء، وآخر حدودها البحر الشأمى بقبليها، والبحر المحيط بجوفيها، وتتصل ببلاد رومة أيضاً من ناحية القبلة، وتتصل أيضاً من ناحية الجوف ببلاد الصقالبة، بينهما شعراء ملتفة مسيرة الأيام الكثيرة، وتتصل في الشرق بالصقالبة أيضاً، وتتصل في الغرب بالبشكنش، وتتمادى أعمال إفرنجة في الطول والعرض مسيرة شهرين في شهرين، ويحجز بين بلاد الصقالبة من الجوف والشرق الجبل المعترض بين البحرين فيتمادى بلاد الإفرنج مع ساحل البحر الشأمى حتى يلزق بجزيرة رومة وبلاد لنقبرذية، ويتمادى مع الجبل المعترض في الجوف إلى البحر المحيط، ويتصل بالصقالبة بلاد المجوس المعروفين بالأنقاش؛ وسيوف إفرنجة تفوق سيوف الهند، ومنها يرد الرقيق من بلاد الصقالبة، ولا يكاد يرى ببلاد إفرنجة زمن ولا ذو عاهةٍ، والزنى في غير ذوات الأزواج عند الإفرنج غير منكرٍ، وإذا حلف أميرهم أو كبيرهم حانثاً استهانوه، ولم يزالوا يعيرونه بذلك، وأبناء الأشراف عندهم يسترضعون في الأباعد، ولا يعرف الا بن أبويه حتى يعقل، وإذا عقل رد إليهما، فيراهما كالسيدين ويكون لهما كالعبد.
وكانت مملكتهم مجتمعةً، وأمرهم ملتئماً حتى ثار على رجلٍ من ملوكهم