نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 98
ومن أعجب ما اختبرناه من فوكهها البطيخ والسفرجل وكل فواكهها عجب لكن للبطيخ فيها خاصة من الفضل عجيبة وذلك لأن رائحته من أعطر الروائح وأطيبها يدخل به الداخل عليك فتجد رائحته العبقة قد سبقت إليك فيكاد يشغلك الاستمتاع بطيب رياه عن أكلك إياه حتى إذا ذقته خيل إليك إنه شيب بسكر مذاب أو بجني النحل اللباب ولعل متصفح هذه الاحرف يظن أن في الوصف بعض غلو كلا لعمر الله إنه لأكثر مما وصفت وفوق ما قلت وبها عسل أطيب من الماذي[1] المضروب به المثل يعرف عندهم بالمسعودي.
وأنواع اللبن بها في نهاية من الطيب وكل ما يصنع منها من السمن فإنه لا تكاد تميزه من العسل طيبا ولذاذة ويجلب إليها قوم من اليمن يعرفون بالسرو نوعا من الزبيب الأسود والأحمر في نهاية الطيب ويحلبون معه من اللوز كثيرا. وبها قصب السكر أيضا كثير بجلب من حيث تجلب البقول التي ذكرناها والسكر بها كثر محلوب وسائر النعم والطيبات من الرزق والحمد لله.
وأما الحلوى فيصنع منها أنواع غريبة من العسل والسكر العقود على صفات شتى انهم يصنعون بها حكايات جميع الفواكه الرطبة واليابسة وفي الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان يتصل منها أسمطة[2] بين الصفا والمروة ولم يشاهد أحد أكمل منظرا منها لا بمصر ولا بسواها قد صورت منها تصاوير إنسانية وفاكيهة وصليت في منصات كأنها العرائش ونصدت بسائر أنواعها المنضدة الملونة فتلوح كأنها الازاهر حسنا فتقيد الأبصار وتستنزل الدرهم والدينار.
وأما لحوم ضأنها فهناك العجب الجيب قد وقع القطع من كل من نطوف على الآفاق وضرب نواحي الأقطار أنها أطيب لحم يؤكل في الدنيا. [1] الماذي: العسل الأبيض، أو جيده. [2] الأسمطة، الواحد سماط: المائدة.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 98