نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 96
ذكر ما خص الله تعالى به مكة من الخيرات والبركات
هذه البلدة المباركة سبقت لها ولأهلها الدعوة الخليلية الابرهيمية وذلك أن الله عز وجل يقول حاكيا عن خليله صلى الله عليه وسلم: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إليهم وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ[2]} ، وقال عز وجل: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إليه ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ[3]} فبرهان ذلك فيها ظاهر متصل إلى يوم القيامة وذلك أن أفئدة الناس تهوى إليهم الأصقاع النائية والأقطار الشاحطة فالطريق [2] سورة إبراهيم، الآية 37. [3] سورة القصص، الآية 57.
الدعاء وطهرت أبدانهم رحمة الله النازلة من سمائه إلى سطح بيته العتيق الذي هو حيال البيت المعمور وكفى بهذا المجتمع الكريم والمنتظم الشريف جعلنا الله ممن طهر فيه من أرجاس الذنوب واختص من رحمة الله تعال بذنوب[1] ورحمته واسعة تسع عباده المذنبين إنه غفور رحيم.
وذكروا أن الإمام أبا حامد الغزالي دعا الله عز وجل بدعوات وهو في حرمه الكريم في رغبات رفعها إلى الله جل وتعال فأعطى بعضا ومنع بعضا. وكان مما منع نزول المطر وقت مقامه بمكة وكان تمنى أن يغتسل به تحت المزاب ويدعو الله عز وجل عند بيته الكريم في الساعة التي أبواب سمائه فيها مفتوحة فمنع ذلك وأجيب دعائه في سائر ما سأله. فله الحمد وله الشكر على ما أنعم به علينا. ولعل عبدا من عباده الصالحين الوافدين على بيته الكريم خصه الله بهذه الكرامة فدخلنا جميع المذنبين في شفاعته والله ينفعنا بدعاء المخلصين من عباده ولا يجعلنا ممن شقى بدعائه إنه منعم كبير. [1] الذنوب: الدلو المملوء ماء.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 96