نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 300
وضع في أعناقنا ربقة الرق فغايننا التبرك بلقاء امثالكم من الحجاج واستهداء ادعيتهم والاغتباط بما تتلقاه منهم من تحف تلك المشاهد المقدسة لنتخذها عدة للإيمان وذخيرة للأكفان، فتفطرت قلوبنا له إشفاقا ودعونا له بحسن الخاتمة وأتحفاه ببعض ما كان عندنا مما رغب فيه وأبلغ في مجازاتنا ومكافأتنا واستكتمنا سائر إخوإنه من الفتيان.
ولهم في عفل الجميل أخبار مأثورة وفي افتكاك الأسرى صنائع عند الله مشكورة. وجميع خدمتهم على مثل أحوالهم. ومن عجيب شأن هؤلاء الفتيان أنهم يحضرون عند مولاهم فيحين وقت الصلاة فيخرجون أفذاذا من مجلسه فيقضون صلاتهم وربما يكونون بموضع تلحقه عين ملكهم فيسترهم الله عز وجل فلا يزالون بأعمالهم ونياتهم وبنصائحهم الباطنة للمسلمين في جهاد دائم والله ينفعهم ويجمل خلاصهم بمنه.
ولهذا الملك بمدينة مسينة المذكورة دار صنعة البحر تحتوى من الأساطيل على مالا يحصى عدد مراكبه وله بالمدينة مثل ذلك.
مغادرة صقلية
فكان نزولنا في أحد الفنادق وأقمنا به تسعة أيام فلما كان ليلة الثلاثاء الثاني عشر للشهر المبارك المذكور والثامن عشر لدجنبر ركبنا في زورق متوجهين إلى المدينة المتقدم ذكرها وصرنا قريبا من الساحل بحيث نبصره رأي العين وأرسل الله علينا ريحا شرقية رخاء طيبة زجت الزورق[1] أهنأ تزجية وسرنا نسرح اللحظ في عمائر وقرى متصلة وحصون ومعاقل في قن الجبال مشرفة، وأبصرنا عن يميننا في البحر تسع جزائر[2] قد قامت جبالا [1] زجت الزورق: دفعته دفعا لينا. [2] تسع جزائر: يريد بها الجزائر المعروفة بالأيولية في شمالي جزيرة صقلية.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 300