نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 286
وفي يوم الأربعاء الثالث والعشرين منه تحركت الريح الشرقية نسيما فاترا عليلا فاستبشرت النفوس بها رجاء في نمائها وقوتها فكانت نفسا خافتا ثم بعد ذلك غشى البحر ضببا رقيق سكنت له أمواجه فعاد كأنه صرح ممرد من قوارير[1] ولم يبق للجهات الأربع نفس يتنسم فبقينا لاعبين على صحفة ماء تخاله العين سبيكة لجين كأنا نجول بين مساءين وهذا الهواء الذي يسميه البحريون الغليني[2].
وفي ليلة الخميس الرابع والعشرين لرجب المذكور وهو أول يوم من نونبر[3] العجمي كان للنصارى عيد مذكور عندهم احتلفوا له في إسراج الشمع وكاد لا يخلو أحد منهم صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى من شمعة في يده وتقدم فسيسوهم للصلاة في المركب بهم ثم قاموا واحدا واحدا لوعظمهم وتذكيرهم بشرائع دينهم والمركب يزهر كله أعلاه وأسفله سرجا متقدة، وتمادينا على تلك الحالة أكثر تلك الليلة ثم أصبحنا بمثل ذلك الهواء الساكن واتصل بنا ذلك إلى ليلة الأحد السابع والعشرين منه فتحركت ريح شمالية فعاد المركب بها لجريته واستبشرت النفوس والحمد لله. [1] سورة النمل، الآية 44. والممرد: المصقول. [2] الغليني: الهواء الساكن. معربة. [3] نونبر: تشرين الثاني.
شهر شعبان المكرم عرفنا الله خيره وبركته
غم هلاله علينا فأكملنا عدة أيام رجب فهو على الكمال من ليلة الخميس بموافقة الثامن من نونبر وقد تم لنا على ظهر البحر من يوم إقلاعنا من عكة اثنان وعشرين يوما حتى عدمنا الأنس واستشعرنا القنط واليأس وصنع الله عز وجل مأمول ولطفه الخفي بنا كفيل بمنه وكرمه. وقل الزاد بأيدي الناس لكن هم من هذا المركب بمنة الله في مدينة جامعة
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 286