نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 126
ذلك الكرسي فبعد لأي ما فتح لا مرائهم المقربين فدخلوا.
وتمادى مقام سيف الإسلام في البيت الكريم مدة طويلة ثم خر ج وانفتح الباب للكافة منهم فياله من ازدحام وتراكم وانتظام حتى صاروا كالعقد المستطيل وقد اصتلوا وتسلسلوا فكان يومهم أشبه شيء بأيام السرو في دخولهم البيت حسبما تقدم وصفه وركب الأمير سيف الإسلام وخرج إلى مضرب ابنيته بالموضع المذكور وكان هذا اليوم بمكة من الأيام الهائلة المنظر العجيبة المشهد الغريبة الشان فسبحان من لا يقنضى ملكه ولا يبيد سلطانه لا إله سواه. وصحب هذا الأمير جملة من حجاج مصر وسواها اغتناما لطريق البر والأمن فوصلوا في عافية وسلامة والحمد لله.
وفي ضحوة يوم الخيس بعده كنا أيضا بالحجر المكرم فإذا بأصوات طبول ودبادب وبوقات قد قرعت الأذان وارتجت لها نواحي الحرم الشريف فبينا نحن نتطلع لاستعلام خبرها طلع علينا الأمير مكثر وغاشيته[1] الأقربون حوله وهو رافل في حلة ذهب كأنها لجمر المتقد يسحب أذيالها وعلى رأسه عمامة شرب[2] رقيق سحابي اللون قد علا كورها[3] على رأسه كانها سحابة مركومة وهي مصفحة بالذهب وتحت الحلة خلعتان من الديبقى المرسوم البديع الصنعة خلعها عليه الأمير سيف الإسلام فوصل بها فرحا جذلان والطبول والدبادب تشيعه عن أمر سيف الإسلام إشادة بتكرمته واعلاما بمأثره منزلته فطاف بالبيت لمكرم شكرا لله على ما وهبه من كرامة هذا الأمير بعد أن كان اوجس في نفسه خيفة منه والله يصلحه ويوفقه بمنه.
وفي يوم الجمعة وصل الأمير سيف الإسلام للصلاة أول الوقت وفتح البيت المكرم فدخله مع الأمير مكثر وأقاما به مدة طويلة ثم خرجا وتزاحم [1] غاشيته: الذين يغشون داره: يدخلون عليه. [2] الشرب: نسيج رقيق اشتهرت به مدينتا دمياط وتنيس من مصر. [3] كورها: الدور منها.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 126