responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة    جلد : 1  صفحه : 80
فرغب أن أفطر عنده في ليالي رمضان فحضرت عنده أربع ليالي ثم أصابتني الحمى فغبت عنه فبعث في طلبي فاعتذرت بالمرض فلم يسعني عذرا[1] فرجعت إليه وبت عنده فلما أردت الإنصراف بالغد منعني من ذلك وقال لي احسب داري كأنها دارك أو دار أبيك أو أخيك وأمر بإحضار طبيب وأن يصنع لي بداره كل ما يشتهيه الطبيب من دواء أو غذاء وأقمت كذلك عنده إلى يوم العيد وحضرت المصلى وشفاني الله مما أصابني.
وقد كان ما عندي من النفقة نفد فعلم بذلك فاكترى لي جمالا وأعطاني الزاد وسواه وزادني دراهم وقال لي تكون لما عسى أن يعتريك من أمر مهم جزاه الله خيرا، وكان بدمشق فاضل من كتاب الملك الناصر يسمى عماد الدين القيصراني من عاداته أنه متى سمع أن مغربيا وصل إلى دمشق بحث عنه وأضافه وأحسن إليه فإن عرف منه الدين والفضل أمره بملازمته وكان يلازمه منهم جماعة وعلى هذه الطريقة أيضا كاتب السر الفاضل علاء الدين بن غانم وجماعة غيره.
وكان بها فاضل من كبرائها وهو الصاحب عز الدين القلانسي له مآثر ومكارم وفضائل وإيثار وهو ذو مال عريض وذكروا أن الملك الناصر لما قدم دمشق أضافه وجميع أهل دولته ومماليكه وخواصه ثلاثة أيام فسماه إذ ذاك بالصاحب ومما يؤثر من فضائلهم أن أحد ملوكهم السالفين لما نزل به الموت أوصى أن يدفن بقبلة الجامع المكرم ويخفى قبره وعين أوقافا عظيمة لقراء يقرأون سبعا من القرآن الكريم في كل يوم إثر صلاة الصبح بالجهة الشرقية من مقصورة الصحابة رضي الله عنهم حيث قبره فصارت قراءة القرآن على قبره لا تنقطع أبدا ًوبقي ذلك الرسم الجميل بعده مخلداً، ومن عادة أهل دمشق وسائر تلك البلاد أنهم يخرجون بعد صلاة العصر من يوم عرفة فيقفون بصحون المساجد كبيت المقدس وجامع بني أمية وسواها ويقف بهم أئمتهم كاشفي رؤوسهم داعين خاضعين خاشعين متلمسين البركة ويتوخون الساعة التي يقف فيها وفد الله تعالى وحجاج بيته بعرفات ولا يزالون في خضوع ودعاء وابتهال وتوسل إلى الله تعالى لحجاج بيته إلى أن تغيب الشمس فينفرون كما ينفر الحاج باكين على ما حرموه من ذلك الموقف الشريف بعرفات داعين إلى الله تعالى أن

[1] أي: لم يقبل اعتذاري.
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست