نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 52
وعليه كان يسكنها وكانت له الغنم الكثيرة فكان يسقي الفقراء والمساكين والوارد والصادر من ألبانها فكانوا يجتمعون ويسألون حلب إبراهيم فسميت بذلك وهي من أعز البلاد التي لا نظير لها في حسن الوضع وإتقان الترتيب واتساع الأسواق وانتظام بعضها ببعض وأسواقها مسقفة بالخشب فأهلها دائما في عمل ممدود وقيساريتها لا تماثل حسنا وكبرا وهي تحيط بمسجدها وكل سماط منها محاذ لباب من أبواب المسجد ومسجدها الجامع من أجمل المساجد في صحنه بركة ماء ويطيف به بلاط عظيم الاتساع ومنبرها بديع العمل مرصع بالعاج والآبنوس وبقرب جامعها مدرسة مناسبة له في حسن الوضع وإتقان الصنعة ينسب لأمراء بني حمدان وبالبلد سواها ثلاث مدارس وبها مارستان وأما خارج المدينة فهو بسيط أفيح عريض به المزارع العظيمة وشجرات الأعناب منتظمة به والبساتين على شاطيء نهرها وهو النهر الذي يمر بحماة ويسمى العاصي[1] وقيل أنه سمي بذلك لأنه يخيل لناظره أن جريانه من أسفل إلى علو والنفس تجد في خارج مدينة حلب انشراحا وسرورا ونشاطها لا يكون في سواها وهي من المدن التي تصلح للخلافة. قال ابن جزي: أطنبت الشعراء في وصف محاسن حلب وذكر داخلها وخارجها. وفيها يقول أبو عبادة البحتري:
يا برق اسفر عن قُوَيْقَ فطُرتَي ... حلب فأعلى القصر من بطياس
عن منبت الورد المُعَصْفر صبغة ... في كل ضاحية ومَجْنَى الآسَ
أرض إذا استوحشتكم بتذكرٍ ... حشدَت علي فاكثرت إيناسي
وقال فيها الشاعر المجيد أبو بكر الصنوبري:
سقى حلب المزن مَغْنَى حلب ... فكم وصَلَت طربا بالطرب
وكم مستطاب من العيش لذ ... بها إذ بهاه العيش لم يُستَطب
إذا نشر الزهر أعلامَه ... بها ومطارفُه والعِذب
غدَا وحواشِيهِ من فِضَّةٍ ... تروقُ وأوساطُه من ذهبْ
وقال فيها أبو العلاء المعري: [1] هذا وهم من ابن بطوطة، إذ أن نهر العاصي لا يمر بِحلب، وإنّما النهر الموجود فيها هو نهر قويق يمد في الشتاء وينضف في الصيف.
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 52