نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 241
مع الشيخ خرج بعضهم وكانت بيني وبينه معرفة فسلم علي وأخبرته خبر أصحابي وأشرت إليه بأن يمضي مع الفقراء لاستخلاص الأصحاب ففعلوا ذلك وتوجهوا معي إلى أصحابي وجئنا جميعا إلى الزاوية وحمدنا الله تعالى على السلامة، وكانت ليلة جمعة فاجتمع أهل القرية وقطعوا ليلتهم بذكر الله تعالى، وأتى كل منهم بما تيسر له من الطعام وارتفعت المشقة. ورحلنا عند الصباح فوصلنا إلى مدينة مُطرني عند صلاة الجمعة "وضبط اسمها بضم الميم والطاء المهملة وإسكان الراء وكسر النون وياء مد"، فنزلنا بزاوية أحد الفتيان الأخية وبها جماعة من المسافرين ولم نجد مربطاً للدواب فصلينا الجمعة ونحن في قلق لكثرة الثلج والبرد وعدم المربط فلقينا أحد الحجاج من أهلها فسلم علينا وكان يعرف اللسان العربي فسررت برؤيته وطلبت منه أن يدلنا على مرابط للدواب بالكراء فقال أما ربطها في منزل فلا يتأتى لأن أبواب دور هذه البلدة صغار لا تدخل منها الدواب ولكنني أدلكم على سقيفة بالسوق يربط فيها المسافرون دوابهم والذين يأتون لحضور السوق فدلنا عليها وربطنا بها دوابنا ونزل أحد الأصحاب بحانوت خال إزاءها ليحرس الدواب.
وكان من غريب ما اتفق لنا أني بعثت أحد الخدام ليشتري التبن للدواب وبعثت أحدهم يشتري السمن، فأتى أحدهما بالتبن، والآخر دون شيء وهو يضحك، فسألناه عن سبب ضحكه فقال: إنا وقفنا على دكان بالسوق فطلبنا منه السمن فأشار إلينا بالوقوف وكلّم والده فدفعنا إليه الدراهم فأبطأ ساعة وأتى بالتبن فأخذناه منه وقلنا له إنا نريد السمن فقال هذا السمن وأبرز الغيب لنا أنهم يقولون للتبن سمن بلسان الترك، أما السمن يسمى عندهم يسمى رباغ، ولما اجتمعنا بهذا الحاج الذي يعرف اللسان العربي رغبنا منه أن يسافر معنا إلى قصطمونية وبينها وبين هذه البلدة عشرة وكسوته ثوباً مصرياً من ثيابي وأعطيته نفقة تركها لعياله وعينت له دابة لركوبه، ووعدته الخير. وسافر معنا وظهر لنا من حاله أنه صاحب مال كثير وله ديون على الناس غير أنه ساقط الهمة خسيس الطبع سيء الأفعال وكنا نعطيه الدراهم لنفقتنا فيأخذ ما يفضل من الخبز ويشتري به الأبزار والخضر والملح ويمسك ثمن ذلك لنفسه. وذكر أنه كان يسرق من دراهم النفقة دون ذلك وكنا نحتمله لما كنا نكابده من عدم المعرفة بلسان الترك وانتهت حاله إلى أن فضحناه وكنا نقول له في آخر النهار
نام کتاب : رحلة ابن بطوطة - ط دار الشرق العربي نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 241