نام کتاب : حادي الأظعان النجدية إلى الديار المصرية نویسنده : الحموي، محب الدين جلد : 1 صفحه : 23
ومن ذلك مكاتبة من فخر الأفاضل والأدباء، وعمدة البلغاء والنجباء، الشيخ محمد الفارضي باسمه واسم فخر الأهالي والأعيان، سيدي محمد الظاهر الموقع بالديار المصرية، توصية لاناس من أهالي فوة المحمية، صورتها: مولانا حرسه الله تعالى وحماه، وأكسبه قوة بفوة كما شرف به حمص وحماة، معروض الفقير ان أيتام السعد لهم خبر مطول، وليس إلا على فضل مولانا فيه المعول، ملخصه أو مختصرة وقفية ادعى شخص بيعها، وأنه أصبح يملك ريعها، والمسألة متعلقة بأيتام، ومولانا حسنة هذه الأيام، فمولانا لا يخيلهم من العناية، أدام الله تعالى له الرعاية، ولا يخفى الحث على إكرام اليتيم، وقد جاء ذلك في الذكر الحكيم، وبقيتم في عافية، ونعمة كافية وشافية.
ومن ذلك مكاتبة من صاحبنا الفاضل الشيخ علي المالكي صورتها:
سلامٌ كعرف المسك فاح بعطره ... ووردٍ كنشر الروض زان بزهره
على من غدا يعلو السماكين رفعةً ... ويسفل عنه الفرقدان لقدره
إمام له در المعالي قلائد ... وقد فاق في نظم الكلام ونثره
وبعد فيا رب الفضائل والحجى ... ومن قد غدا يسمو بثاقب فكره
إليك اشتياقي لا يحد فأنه ... تنزه عن ضبط وحد وحصره
وأن عليا مذ تناءى محبه ... تدانى له صرف الزمان بغدره
يحن إليكم كل وقت كأنه ... محب جفاه حبه طول عمره
بعيد قريب منكم بضميره ... وفارقكم في جهره دون سره
إذا ما خلت منكم مجالس وده ... فقد عمرت فيكم مجالس شكره
ولولا رجاه أن وقت فراقكم ... سحائب صيف مات غماً بقهره
سقى الله أياماً تقضت بقربكم ... هواطل من طل الغمام قطره
لكم أبداً مني سلام مضاعفٌ ... وأزكى تحياتٍ إلى يوم حشره
هذا ثم أقمنا في فوة المذكورة مدة في غاية الحضور لا نخشى ضراراً ولا بوسي، وكانت اقامتنا بها كضعف ميقات موسى. وبعد ذلك فوض قضاؤها لقاضٍ، وفارق الفقير أهاليها وهم راضون عنه وهو عنهم راض، وكتبوا لنا محضراً ذكروا فيه ما شاهدوه من سيرة الفقير ومشيه على أولى سنن وأقوم طريقة، وأنه لم يتول عليهم قاض مثله في الحقيقة، ورقم عليه الفاضل من أهاليها، والمعول عليه من أهل العلم فيها، وكان خروجنا منها ثامن عشر شهر شعبان سنة تسع وسبعين وتسعمائة من الأعوام، ووافق ذلك اليوم يوم خروجنا في سنة ثمان من دمشق الشام. وقد امتدحني أفاضلها بقصائد فصيحة، محتوية على مقاصد لطيفة ومعان رجيحة؛ فمن ذلك قصيدة كتبها الشيخ الفاضل العلامة، والمدقق الكامل الفهامة، القاضي محمد الفزاري، صورتها:
ألطفك أم سحرٌ أجودك أم بحر ... أوجهك أم شمس وما طلع الفجر
أمجدك أم فخر الثريا على الثرى ... أحمدك بين الناس يتلى أم الذكر
تناهى ثبوت الشكر فيك فلا يرى ... لرأيك لم يلحق ببابكم عذر
إليك محب الدين وجهت مقصدي ... على ذات عزم زانها النظم والدر
بذكرك قد عطرت أنفاس سرها ... فسارت وطول الأرض في عينها فتر
إلى كهف علم يسبق الطرف فهمه ... سحاب ندىّ في الناس نائله غمر
وكلا فأن السحب بالقطر جودها ... وذا جوده في قطره يغرق البحر
كثير سهاد العين في العلم للعلى ... ويرضيه من اغفاء أعينه النزر
وقد قلد الاعناق منته فما ... نرى سيداً إلا ومنه له شكر
إلا يا محب الدين فخرك قائم ... وما لامرئ لم يمس من حماة فخر
فآلك هم اهل المكارم ما لهم ... من العيب إلا ان بهم حسن الذكر
وما فخرهم إلا لأنك منهم ... وأن بلاداً ما نزلت بها قفر
وقد ضل كفٌ يممت غير سوحك ال ... فسيح فردت وهي من قصدها صفر
وإذ قد وزنت الناس عقلا وهمة ... وفضلاً ووصلاً كان منك لهم جبر
فعنك رضي الرحمن عما نشرته ... بفوة من عدل وبذل به الأجر
وجئت وكان الناس في الاصر والعنا ... فجاء الغنى، والبأس يطرده اليسر
وأرسلت أمناً في قنا وقصيرها ... فقصر عنها السوء وانفصل الشر
يريك ذكاء الفكر ما بعد يومك ال ... جديد فأنت الحاذق الذهن النضر
إذا اشتبه الأمران عز برايك ال ... سديد شيديد الحق يمتازه الذكر
نام کتاب : حادي الأظعان النجدية إلى الديار المصرية نویسنده : الحموي، محب الدين جلد : 1 صفحه : 23