responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حادي الأظعان النجدية إلى الديار المصرية نویسنده : الحموي، محب الدين    جلد : 1  صفحه : 11
هذا وقد شرف العبد من جنابه الشريف ببعض المكاتبات، قصد الفقير أن يكون لها في هذه الرحلة اثبات، فمن ذلك ما كتب لي حفظ الله تعالى جنابه، وكنت قاضيا بتزمنت، مكتوباً يتضمن الشفاعة لشخص في النيابة، صورته: ان أنضر زهر فتحت يد النسيم كمائمه، وازهر ناضراً حب باعطر من لطائف المسك نسائمه، وأورق عود أصدح الشوق على أفنانه حمائمه، وأرقى منبر سجع عليه خطيب بلاغة فاستنزل من الأفق نعائمه، وأفصح منطق ترك سحبان في أرض البلاغة باقلا أو ذاهلاً يتطلب تمائمه، حمداً لله تعالى الذي جعل محبه مترقياً مصاعد المجد، وأيد به الدين فأصبح له كالأب رافلا في حلل الجد. هذا وانبسطة القول في بث الشوق، يضيق عنها الطوق، ولو استعان ذو البث بذوات الطوق، وبعد بُعْدِ المدى وأن كان لابعد، فالجنان بكم في أنضر من جنان الخلد، ثم إن ممن له إلى هذا الجناب انتساب، وعراقة في الاتصال بهذا الداعي لذلك الجناب، الماثل لديكم بهذه الصبابة، والناقل لخبر هاتيك الصبابة، الولد الاعز عبد الفتاح، فالمسئول ان لا يزال مريش الجناح، محفوفاً بيمن نظركم السعيد، محفوظاً بعنايتكم في الطريف والتليد، متشرفاً بخدمة عتبتكم في تنفيذ الأحكام، مامورا من جنابكم العالي برعاية أمر الله تعالى في النقض والإبرام، بعد الدعاء ثانياً والسلام على الدوام.
وكان اهالي ذلك الإقليم شكوا من ذلك النائب شكاية كلية، وتحقق العبد أن مولانا الشيخ حفظ الله تعالى حضرته العلية، لم يبلغه ما حدث من المذكور من التعدي على أهل الإقليم، ولم يكتب له ذلك إلا بناء على طبعه السليم. فاحب العبد أن يعرض على المولى المشار غليه، أحوال المذكور وما أنطوى عليه، علماص بأن حضرته الشريفة حفظها الله تعالى ووقاها، إذا بلغها أحوال المذكور ينكرها ولا يرضاها، فسطر له هذا الجواب، وأرسله بضاعة مزجاة لذلك الجناب. صورته " يقبل الأرض بعد دعائه الذي ترصعت في تيجان الإجابة درره، وتضرعت في ديوان الأخلاص فقره، ويصف الحب الصحيح السالم، والثناء الذي هو للود جازم. وينهي أن السبب في تسطيرها، والباعث على تحريرها، محبة اضرم نارها في الفؤاد، وأشواق لو تجسمت لملأت ألف واد، وان تفضل الوالي بالسؤال عن احوال العبد فهو باق على محبته القلبية القبلية، وملازم على مقام العبودية.
وقد وصل المثال العديم المثال، مشتملاً على الدرر التي فاقت اللآل، فقام له المخلص تعظيماً وإجلالاً، وسجد سجدة صادس راى من معانيه زلالا. ورقي على منبر الثناء معلماً بشكره، وانشد:
ولقد سما العبد الحقير إلى السها ... لما تفوهت الاسود بذكره
هذا والذي ينهيه العبد من خصوص عبد الفتاح، وما اشتمل عليه من الامور القباح، فأنه كثر في هذا الإقليم شاكوه، وانعدم فيه شاكروه. وان من البدع المحدثة على هذه البلاد ما يسمى بالمشاق، وقد شكا منه أهل الإقليم وذكروا أنه حملهم فيه غاية المشاق. وأما ما أثبته في السجل بطريق العادة. وقد ذكر لي جماعة من الصلحاء ليس لهم غرض دنياوي، منهم رجل من ذرية الشيخ الشعراوي، أن المذكور إن تولى سعى في الأرض بالفساد، وتعدى من ظلم نفسه القاصرة إلى ظلم العباد، كل ذلك ما خلا أفعالا لو تمت بالأخبار، لأضحت ناقصة عن درجة الاعتبار، في مقام الخطاب، وأحوالا مقررة ليست من أفعال الشك بل اليقين، لو بحث عنها لخرجت عن طريق الآداب. لكن من طرق البلاغة استعمال الاضمار في موضع الإظهار، كما نستفيده، وصيغة المضارع لاستمرار، من بحر فيضكم المدرار. ولو فصلت لحضرتكم الشريفة أمور لأوجبت له أن يطرد ويبعد، ويتمثل له بقول القائل وينشد:
أيها المدعي سليمى سفاهاً ... لست منها ولا قلامة ظفر
إنما أنت من سليمى كواوٍ ... الحقت في الهجاء ظلماً بعمرو
والحاصل أن المملوك ما يحيل التفرس في عدم استقامة المذكور إلا على سلامة مزاح وسرعة حدسه، وحاشا لمقامه الشريف أن يرضى لعبده الحشر مع غير أبناء جنسه. وعلى كل حال فمن حمل أعباء القضاء شاهد أحوالاً تشيب النواصي، وعاين اهوالاً تذيب الرواسي، ولكن:
إلهي ظلمت النفس مذ صرت قاضياً ... وعوضتها بالضيق عن ذلك الفضا
وحملتها ما لا تكاد تطيقه ... فأسالك التوفيق واللطف في القضا

نام کتاب : حادي الأظعان النجدية إلى الديار المصرية نویسنده : الحموي، محب الدين    جلد : 1  صفحه : 11
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست