صفة بناء ذي جبلة
بنا بذاك الصليحي في مخلاف جعفر وحدودها بالطول من نقيل صيد إلى مصابح وبالعرض من سوق وصفات إلى حصن الطريمة إلى ذي الأسود من حدود مخلاف حب، وتسمى قلعة النهرين لأن جبل التعكر ما بين أي من البلد وشماله ومجمع النهرين في أحد البلد عند موضع يقال له وادي ميتم. كما قال المازني في بعض قصائده حيث يقول:
ما مص ما بغداد ما الطبرية ... كمدينة قد حازها النهران
خدد لها شأم وحب مشرق ... وكذلك تعكرها المنيف يماني
وله بقول:
ليس الخورنق والسدير وبارق كطريحي ... كلا ولا النعمان مثل الدسا هاطل اليدين
وقال مضطبع الدولة مواهب بن جديد المقرئ يمدح الملك المفضل بن أبي البركات بن علاء الحميري:
فرفضها شوفاً إلى ذي جبلة ... وتركتها لملوك أهل المشرق
ونذكر عجائب إقليم اليمن وما فيها من الغرائب
ومن جملتها حصن أشيح. ومما ذكره عمارة بن محمد بن عمارة في كتاب المفيد في أخبار زبيد قال: حدثي المقرئ سليمان بن ياسين وهو من أصحاب أبي حنيفة قال: بت بحصن أشيح ليالي كثيرة وأنا عند أرى الشمس تطلع في المشرق وليس فيها من النور شيء، وإذا نظرت إلى تهامة نظرت عليها من الليل ضباب يمنع الماشي أن يعرف صاحبه من قريب، وكنت أظن ذلك السحاب والبخار وإذا هو عقائل الليل فأقسمت أن لا أصلي الصبح إلا على مذهب الشافعي. إنّ أصحاب أبي حنيفة يؤخرون الصبح إلى أن تكاد الشمس تطلع على وهاد تهامة وما ذلك إلا أن المشرق مكشوف لأشياح من جبال وذروته عالية. وهو مقر الداعي سبأ بن أحمد أبن علي الصليحي، وفيه يقول عبد الله بن الحسن بن علي بن القم شعراً:
ولمّا مدحت الهيزري بن أحمد ... أجاز وكافاني على المدح بالمدح
فعوضني شعراً بشعري وزادني ... عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي
شققت إليه الناس حتى رأيته ... فكنت كمن شق الظلام إلى الصبح
فقبح الدهر ليس فيه أبن ... ونزه دهر كان فيه من القبح ونجد الحنشين
من أرض بني نجاح. وكان في قديم العهد تسمى هذه الأعمال أعمال نجد وما عرفت بالحنشين إلا أن صاحبيه تقاتلا وتعاقرا، فبينا هم في قتالهم إذ وقع عليهم لمع البرق احرقهم. ويقال بل خسف من تحتهم فنزلوا الخسف، والخسف باقي وهو في قدر بئر عظيم ليس يوجد له قرار. عرف النجد بالحنشين، ونجد الحنشين من أعمال الحقل والكافل.
وحصن ثريد