حدثني مبارك الشرعي مولى والد محمد بن مسعود قال: كان السبب في حفر بئر بر إنّ حادبير وهو عفريت سرق سيت زوجة رام جندر من أعمال عوض وسار بها إلى أن سكن بها على قلة جبل صيرة. وقال: إلي أريد أن أقلب عنك صورة الإنية إلى صورة الجنية. فبينما هما في لا ونعم إذ سمع بخبرهما هنومت وهو عفريت ثاني على صورة قرد فحفر هذا السرب من أوسط مدينة أوجين بكرمى تحت البحر وبلغ آخر الحفر إلى أوسط جبل صيرة وفعل جميع ذلك في ليلة واحدة، فخرج من الحفرة فوجدها نائمة على ذروة الجبل تحت شجرة شوك فرفعها على ظهره ونزل بها السرب ولازال يسري بها إلى أن بلغ اوجين بكرمى فعند انفجار الفجر الصادق سلمها إلى زوجها رام جندر فرزق منها رام جندر ولدان ذكران سمى أحدهما لب والثاني كش ولها حكاية طويلة عريضة يطول شرحها فبقى السرب إلى الآن. وكذلك حفر كيكالوس بن كيقباد سرب من الري إلى مازندران مسيرة ستة وثلاثين فرسخا. وحفر بعض الهنود سربا في ديولاره من أعمال السومنات ينفذ أواخره إلى بابهن من أعمال الديوكير أوّل حدده مالوي، وينفذ أيضاً تحت بحار ورمال ويقال إنّه حفر الجن ولا شك في هذا. وحفرت رؤساء همذان في وسط أملاكهم سربا ينفذ إلى روذراور مسيرة ثلاثة أيام. وحفر كرشاسب بن اثرط أبن رستم سربا في وسط قصره الذي بقلعة ارك بسيستان ينفذ أواخره إلى وسط حصار طاق مسيرة اثني عشر فرسخا. وحفر دير الجب في نواحي الموصل. قالت النصارى: لمّا قتل سنحاريب ولده من بها رماه في حفرة كانت بالقرب منه انخرق بالحفرة سرب ينفذ إلى الزاب مسيرة أربع فراسخ، قالت النصارى: وعاش مرتهنا بعد الموت وإدراك الفوت وهو إلى الآن بالحيوة في تلك النواحي. وحفر بعض سواريب الهنود بالمدينة برهنك سرب مسيرة أربعة فراسخ بطريق وكان سببه ما حدثني أبو طالب بن أبي بكر بن أبي طالب الحداني المعروف بابن السويدائي إنّه عشق بنت الملك فحفر هذا السرب من بيت اليد إلى دار الصبية فكان يمشي إليها وتجيء إليه في هذه الطريق مدة حياتهما فلما خرب السلطان نظام الدين محمود بن سبكتكين البلدة بقى السرب على حاله. وبقى بطريق مكة جبل يسمى المخروق فيه خرق منفصل من لحفه إلى ذروته وقد تقدم ذكره. وفي نواحي الموصل قرية يقال لها الباعور وهو موضع لعرب من زمن النبي (فمن شدة الباعور انخرق في الأرض سرب يطول من الباعور إلى دجلة مسيرة خمس فراسخ. وحفر شاه بور بن اردشير بابكان في قلعة نيسابور سربا تحت الأرض مسيرة خمسة فراسخ ينفذ إلى برية وما عمله إلا لإحكام القلعة وحقن دماء الخلق ولهذا يقال: الهرب في وقته ظفر. نرجع إلى ما كنا عليه من كلامنا الأول، فإذا تعوقت المراكب في المجيء عن موسم ثغر عدن يجاء إلى جبل صيرة بسبع رؤوس بقر عند اصفرار الشمس وتبقى البقر في مكانها إلى نصف الليل وبعد زوال هذا الحد ترد ست رؤوس منها إلى عدن ويبقى رأس واحد هناك مكانه، فإذا اصبح ضحي به من الغد في مكانه وتسمى تلك الضحية ضحية الجبل فإذا عمل هذا العجل تقدم المراكب وتلاق بعضها ببعض. وقد صارت سنة من قديم اليام من دولة بني زريع وغيرهم من العرب، وبطل ما ذكرناه في زماننا هذا.
فصل