تراهن قيس بن زهير بن جذيمة بن أبي سفيان وهو صاحب الداحس والغبراء مع ربيع بن ساس صاحب الخطار والحنفاء وكان الخطار والداحس حصانين والغبراء والحنفاء فرسين. فغلب الداحس الخطار وجرى بين القوم ما جرى. فخرج قيس بن زهير صاحب الداحس إلى ناحية عمان ليطفي نار الشر، فلما توطن في عمان فتح دكانا وكان عطاراً وقعد يبيع ويشتري. وإذا بأميرين من أمراء عمان تراهنا فيما بينهم وجرى بهم كلام في سباق الداحس والخطار، فحضر الأميران إلى الشيخ العطار وسألوه عن قصة السباق ومن غَلب وغُلب. فقال لهم الشيخ مالكم بسؤالي من حاجة. قالوا: بلى! قال: الداحس غَلب. فلما سمع المغلوب اغتاظ من هذا وشتم الشيخ وتفل في وجهه. فحينئذ أغلق الشيخ دكانه وجاء إلى بيته وأسرج وألجم الداحس وركب وقال لبنته ياقوتة: اسبقيني إلى البئر للفلانية فاقعدي عندها وقدم الشيخ إلى مجمع القوم وقال: أنا قيس بن زهير وحصاني هذا هو الداحس ومن لم يعرفني فليعرفني! وحمل الذي أحر وتفل في وجهه وضرب عنقه، وساق الداحس إلى البئر واردف ابنته ياقوتة وراءه فتبعته الخيل إلى الساحل، فركض الحصان فلم ينزل البحر فعصب عيناه وآماقه فنزل البحر إلى أن توسط البحر فتعب الحصان وغرق الثلاثة جميعاً. وقال أهل جزيرة قيس: سبح الحصان إلى أن صعد بهم الجزيرة فسكنوا وأهل جزيرة قيس منهم. فلذلك يسمون جزيرتهم بجزيرة قيس وهو قيس بن زهير بن جذيمة بن أبي سفيان لأنه أبو القوم. ويقال إنّ الجزيرة كانت 000 فلما صعد قيس مع ياقوتة والداحس ولوه أهل الجزيرة على أرواحهم وأموالهم وتزوج منهم اولد الجاشو وزوج ياقوتة بأكبر من في الجزيرة فأولدها الفرس، وإلى الآن في روؤس الفر حماقة العرب. حدثني رجل من أهل فارس 000 به الجاشو من الديلم وكانوا يسكنون فلاة بفارس وأعمالها وهي ذات خيل ونعم وإبل. فلما طال السوط في القوم تعلقوا في الجبال وبنوا الحصون وسكنوها، فعرف القوم بسوكاره أي مرجين الشعور شبه الأكراد. فلما عمرت الحصون زكبوا الحصون وازدادت العمارة. فسكن رجل منهم جزيرة قيس فطلع من نسله الجاشو وهذا هو الصحيح.
نسبة الجاشو
ثار بملك من الملوك علة البرسام ووصفت له الأطيار إنّ يفترش كل ليلة جارية نوبية بكر يزول ما به من العرض والمرض. قال أبن المجاور: ولم يكن في جميع المخلوقات أحر من فرج الجارية النوبية فمن حرارة فرج الجارية النوبية يتحلل البرسام وينزل في جملة المنى إلى الجارية النوبية فإذا قامت المرأة نفضت المنى من فرجها برئ المعلول من العلة ولم يضر الجارية شيء، ويقال إنّه يضرها. فلما سمع الملك ذلك انفذ وزيرا له إلى بر السودان فأمر أن يشتري له مائة جارية نوبية ابكاراً. فلما تجهز الوزير ترخم الآلة وتركه في حق وناوله الملك وسافر إلى إنّ وصل بلد السودان واشترى الجوار البكور وقدم بهم إلى الملك. فلما قدم الملك إلى أحدهم وجدها ثيبا وكذلك الثانية والثالثة والعاشرة إلى المائة وجدهم رجع على نسق واحد. فلما دخل الوزير إلى خدمة الملك قال الملك للحاضرين: جاشك أي إنّه شك فيهم أي استفضهم. وقال: بل ما شك أي جاء من شك فيه اليقين. فلما تحقق الوزير مقالة الملك استدعى بالحق وفتح رأسه فإذا فيه الآلة. فقال له الملك: ما حملك على فعل هذا الفعل؟ قال: خفت هذا الذي بدا وقضية الذي جرى. وحينئذ نادى الملك جميع الجوار وسألهم عن حالهم فقالوا: أنا نزلنا في الجزيرة الفلانية وسبحنا في عين ماء عذب فما علمنا بأنفسنا إلاّ وكل منا معها جني يستفضها. فقال الملك: تردهم إلى جزيرتهم! فسكنوا جزيرة قيس فبنوا الدور وتناسلوا وكثر الناس. فسموا جاشك على ما جرى من لفظ الملك فدارت عليهم اللغة فسمو جاشو.
فصل
حدثني أبو القاسم بن إبراهيم بن محمّد المرابط قال: تمت حالة مثل هذه الحالة في أرض المغرب وانفذ الملك بوزير له يسمى 000 بااي إلى أعمال السودان يشتري له جوارا. فلما دنا الملك من الجوار وجد وساعا، قال: زناتا يعني الوزير ناوانا. فعرفت القبيلة بزناتا، وهم قوم البربر زحل وخمسين ألفا ضارب بالسيف. قال أبن مجاور: وما أظم القوم افترقوا فرقتي أحدهما سكنوا أرض المغرب فعرفوا بزناتا، الفرقة الثانية سكنوا جزيرة قيس فعرفوا بالجاشو.