responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد    جلد : 1  صفحه : 111
مددت يديك نحوهم اكتفاء ... كمدهما إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن ... يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... هم الأكفان ثوب السافيات
ولم أر قبل جذعك قط جذعا ... تمكن من عناق المرمات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى ... بحراس وحفاظ ثقات
وتشعل حولك النيران ليلا ... كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطية من قبل زيد ... علاها في السنين الماضيات
وتلك فضيلة فيها تأس ... تعاند عند تعيير العدات
أسأت إلى نوائب فاستثارت ... فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تقيل من صرف الليالي ... فصار مطالبا لك بالثارات
غليلي باطن لك في فؤادي ... يخفف بالدموع الجاريات
ولو أني قدرت على قيام ... بفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي ... ونحت بها خلاف النائحات
ولكني أصبر عنك نفسي ... مخافة أن أعد من الجنات
ومالك تربة فأقول تسقي ... لأنك نصب هطل الهاطلات
عليك تحية الرحمان تترى ... برحمات غواد رائحات
قال فأعطاه ابنه عليها ثلاثين ألف دينار كبار، وقال الحافظ رحمه الله وأخبرنا أبو بكر يحيى بن إبراهيم السلماسي قال: قرأت على القاضي أبي قاسم ناصر الدين بن أحمد بن بكران الحوفي، ووجدت بخط والدي الشيخ أبي الطاهر بن أحمد إبراهيم بن أحمد بن محمد السلماسي، قال لما أمر عضد الدولة بقتل الوزير أبي محمد بن بقية وصلبه بمدينة السلام في سنة سبع وستين وثلاثمائة كان له صديق يعرف بأبي الحسن الأنباري فرثاه بهذه الأبيات وكتبها ورمى بها في شراع بغداد فتناولتها الأدباء إلى أن وصل الخبر عضد الدولة، فلما أنشدت بين يديه تمنى أن يكون هو المصلوب دونه فقال على بهذا الرجل فطلب سنة كاملة وأتصل الخبر بالصاحب إسماعيل بن عباد بالري وكتب له بالأمان، فلما سمع بذكر الأمان قصد حضرته فقال له أنت القائل لهذه الأبيات قام نعم قال: أنشديها من فيك قلما أنشده:
ولم أر قبل جذعك قط جذعا ... تمكن من عناق المركمات
قام الصاحب فعانقه وقبل فاه وأنفذه إلى حضرة عضد الدولة فلما مثل بين يديه قال له: ما الذي حملك على مرثية عدوى فقال له: حقوق سلفت، وأياد مضت فجاش الحزن في قلبي فرثيت فقال: هل يحضرك شيء في الشموع والشموع تزهر بين يديه فأنشأ يقول:
كأن الشموع وقد أظهرت ... من النار في كل رأس سنانا
أصابع أعدائك الخائفين ... تضرع تطلب منك الأمانا
فلما أنشده هذين البيتين خلع عليه وحمله على فرس وأعطاه بدرة، وذكر لي أن الخليفة الناصر كان وزيره ناصر بن مهدي الحسني وكان كثير المخالفة في كل ما يأمره به فقال للخليفة يوما بعض خواص أن هذا الوزير يسئ الأدب، ويخالف أمير المؤمنين فيما يأمر به فوجد الخليفة لذلك وقال للوزير لئن خالفتني بعدها أو عارضتني في شيء من أمري لاستبدلن بك من وجدته في الحال، فقال له: نعم وأذعن للسمع والطاعة، ثم أقام على ذلك أياما فعرض للخليفة في بعض الأوقات أمر من الأمور المهمات فذكره ودبر رأيه فقال له الوزير لايا يأمر أمير المؤمنين، الرأي أن تفعل خلاف هذا، فقام الخليفة لوقته وخرج من بعض أبواب قصره فوجد شابا مصفر الوجه يلتقط شيئا من نفاضات الموائد فدعاه الخليفة إليه وقال له أتحسن الكتابة قال: أجل فدخل به وولاه الوزارة من حينه وخرج صاحب الشرطة بين يديه إلى دار الوزارة وقام يدبرها أحسن التدبير، وكان ظن الوزير المعزول أنه لا يوجد مثله لما كان فيه من المعرفة فكتب إلى الخليفة رقعة فيها:
شمل النسج من حاك لكن ... ليس داود فيه كالعنكبوت
القني في لظى فان أحرقتني ... فتيقن أن لست بالياقوت
فلما بلغت الخليفة أخذها وأطال النظر فيها فقال له الوزير المستجد يا أمير المؤمنين أراك النظر في هذه الرقعة فدفعها إليه فلما أخذها من يد الخليفة وسمع ونظر إليها قال: يا أمير المؤمنين أتأذن لي في الجواب، قال: نعم، فكتب تحت البيتين:
نسج داود لم يفد صاحب الغار ... وكان الفخار للعنكبوت
وبقاء السمند في لهب النار ... مزيل فضيلة الياقوت

نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد    جلد : 1  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست