نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 106
وأن ترى خاشعا لله مكتئبا ... على ذنوبك طوال الدهر محزونا
) ومنهم (لغمر الديم، الغر الشيم، الشيخ العالم الأصيل جمال الدين أبو عبد الله محمد بن شرف الدين محمد بن المنير. له البيت الذي نمى على قواعد الأديان الصحيحة، وسمى على عمد الأعمال الصالحة والأنساب الصريحة، والعلم الذي أنارت ثواقب مفاخره ومآثره في أقطار الآفاق وآفاق الأقطار، وطارت مناقب نزاهته وعدالته في الخافقين كل مطار وانتظمت أسلاك أصالته في أجياد الأسطار وهمت سحائب كرمه على الداني والقاصي كالغيث الواكف المدرار. وسرت أمثال علمه سرى نسمات باسمات الأزهار. وبهرت صفات شخصه النفيس الجوهر المطهر المحتد الكريم لعنصر المشرق الأنوار، واستدار فلك مجده على قطبي العلم والدين وأسخار قمر هديه أشرق من الصبح المبين، فسما في العلم علما راسخ القواعد، مشار إليه من كل غائب وشاهد، آونة للصلة وأونة للعائد، مشاورا في نوازل الديانات، مسفتي في عوارض غوامض القضايا المشكلات تصطفيه الرتب العلية السنية، وتتنافس فيه الخطط لشرعية السنية، فطورا مقدما في أندية الوزراء والأعيان، وتارة صدرا في قضاة العدل والإحسان، حتى اعترف بإرشاده الخاص والعام، واغترف من بحر إرفاده الراوي والظام، فما من جار في تحصيل مرام إلا عليه اعتمد، وما من سار على سبيل اعتصام إلا بدليله اسنرشد:
خلاله عن طريق المجد حاسده ... ومن يساجل صوب العارض الهطل
علم وحلم ورأي محصف وندي ... سبحان جامع هذا الفضل في رجل
لقيته بمنزله من الإسكندرية فسمعت عليه أكثر تآليف عمه العالم الكبير قضي قضاة الإسكندرية ناصر الدين أبي العباس احمد بن محمد المنير رحمه الله، ومنها الأرجوزة الكبرى التي فسر فيها القرآن العظيم، وتأليفه المفيد الذي فسر فيه راجم أبواب صحيح البخاري رضي الله عنه، وجزء فيه أحكام السماع بشروطه، وغيرها من تآليفه، وحدثني بها عنه سماعا عليه وسمعت عليه غير ذلك وأجازني وكتب لي بخطه وأنشدني من شعر عمه المذكور جملة مقطوعات حكيمات وزهديات، قيدتها في غير هذا وأنشدني له كذلك الشيخ العالم الأوحد مفتي المسلمين عز الدين أبو إسحاق إبراهيم بن نور الدين بي عبد الله محمد بن حباسة وقال أنشد فيهما غير ما مرة ناظمهما قاضي القضاة ناصر الدين المذكور يمدح والدي نور الدين رحمهما لله تعالى:
يا نور أوصافك الغراء كالحبك ... ووجهك البدر بدر التم في الفلك
عليك نور بهي لا خفاء به ... نور العفاف ونور الدين والنسك
وذكر لي الشيخ عز الدين المذكور قال ولى نصر الدين بن المنير هذا القضاء بالإسكندرية وهو ابن خس وثلاثين سنة وكان مشائخه من نوابه رحمة الله عليه، ومنهم العظيم القدر المشروح الصدر الشيخ المحدث العدل، صدر الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الإمام الكبير محيي الدين أبي عبد الله الزماتي المالكي الشهير بأبي حافي رأسه، نوع آخر منه، وفرع من أصل يقصر الوصاف عنه، فإن والده محيي الدين، من كبار الأئمة المهتدين، وهو الذي أحيا لسان العرب وعلم العربية في الديار المصرية والإسكندرية ثم تولد هذا الفرع عن ذلك الأصل، وتخلد نسخة ثانية من الفضل:
وحسبكم مجدا أثيلا مكارم ... جسام تلافيها العقيب عقيب
حووها على مر الليالي وراثة ... تشابه فيها منجب ونجيب
نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 106