responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نویسنده : المقريزي    جلد : 4  صفحه : 142
الجامع المؤيدي
هذا الجامع بجوار باب زويلة من داخله، كان موضعه خزانة شمائل حيث يسجن أرباب الجرائم، وقيسارية سنقر الأشقر، ودرب الصفيرة، وقيسارية بهاء الدين أرسلان.
أنشأه السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحموديّ الظاهري، فهو الجامع لمحاسن البنيان، الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه، أن منشئه سيد ملوك الزمان، يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنو شروان، ويستصغر من تأمل بديع أسطوانه الخورنق وقصر غمدان، ويعجب من عرف أوّليته من تبديل الأبدال، وتنقل الأمور من حال إلى حال بينا هو سجن تزهق فيه النفوس ويضام المجهود، إذ صار مدارس آيات وموضع عبادات ومحل سجود، فالله يعمره ببقاء منشئه ويعلي كلمة الأيمان بدوام ملك بانيه.
همم الملوك إذا أراد واذكرها ... من بعدهم فبألسن البنيان
أو ما ترى الهرمين قد بقيا وكم ... ملك محاه حوادث الأزمان
إنّ البناء إذا تعاظم قدره ... أضحى يدل على عظيم الشان
وأوّل ما ابتدئ به في أمر هذا الجامع، أن رسم في رابع شهر ربيع الأوّل سنة ثمان عشرة وثمانمائة، بانتقال سكان قيسارية سنقر الأشقر التي كانت تجاه قيسارية الفاضل، ثم نزل جماعة من أرباب الدولة في خامسه من قلعة الجبل، وابتدئ في الهدم في القيسارية المذكورة، وما يجاورها، فهدمت الدور التي كانت هناك في درب الصفيرة، وهدمت خزانة شمائل فوجد بها من رمم القتلى ورؤوسهم شيء كثير، وأفرد لنقل ما خرج من التراب عدّة من الجمال والحمير بلغت علائقهم في كل يوم خمسمائة عليقة. وكان السبب في اختيار هذا المكان دون غيره أن السلطان حبس في خزانة شمائل هذه أيام تغلّب الأمير منطاش وقبضه على المماليك الظاهرية، فقاسى في ليلة من البق والبراغيث شدائد، فنذر لله تعالى إن تيسر له ملك مصر أن يجعل هذه البقعة مسجدا لله عز وجلّ، ومدرسة لأهل العلم، فاختار لذلك هذه البقعة وفاء لنذره.
وفي رابع جمادى الآخرة كان ابتداء حفر الأساس، وفي خامس صفر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وقع الشروع في البناء، واستقرّ فيه بضع وثلاثون بنّاء، ومائة فاعل، ووفيت لهم ولمباشريهم أجورهم من غير أن يكلف أحد في العمل فوق طاقته، ولا سخّر فيه أحد بالقهر، فاستمرّ العمل إلى يوم الخميس سابع عشر ربيع الأوّل، فأشهد عليه السلطان أنه وقف هذا مسجدا لله تعالى، ووقف عليه عدّة مواضع بديار مصر وبلاد الشام، وتردّد ركوب السلطان إلى هذه العمارة عدّة مرار. وفي شعبان طلبت عمد الرخام وألواح الرخام لهذا الجامع، فأخذت من الدور والمساجد وغيرها، وفي يوم الخميس سابع عشري شوّال نقل

نام کتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نویسنده : المقريزي    جلد : 4  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست