نام کتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 274
نفسه وغلبته النساء، ثم إنها فصدت عروقه وقالت: دماء الملوك شفاء، وأخذت رأسه ووجهت به إلى قصرها، ونصبته عليه وحوّلت تلك الأموال إلى مدينة منف، وبنت منارا بالإسكندرية، وزبرت عليه اسمها واسمه، وما فعلت به وتاريخ الوقت.
فلما بلغ خبرها الملوك هابوها وأطاعوها وهادوها، وعملت بمصر عجائب كثيرة، وبنت على حدّ مصر من ناحية النوبة حصنا، وقنطرة يجري ماء النيل من تحتها، واعتلت فقلدت ابنة عمها زلفى بنت مأمون وماتت.
وقال ابن خرداذبه: إنّ الإسكندرية بنيت في ثلثمائة سنة، وأنّ أهلها مكثوا سبعين سنة لا يمشون فيها بالنهار إلا بخرق سود مخافة على أبصارهم من شدّة بياض حيطانها ومنارتها العجيبة على سرطان زجاج في البحر، وإنه كان فيها سوى أهلها ستمائة ألف من اليهود خول لأهلها.
وقال ابن وصيف شاه: وكانت العمارة ممتدّة في رمال رشيد والإسكندرية إلى برقة فكان الرجل يسير في أرض مصر، فلا يحتاج إلى زاد لكثرة الفواكه والخيرات، ولا يسير إلا في ظلال تستره من حرّ الشمس، وعمل الملك صا بن قبطيم في تلك الصحاري قصورا، وغرس فيها غروسا وساق إليها من النيل أنهارا فكان يسلك من الجانب الغربيّ إلى حد الغرب في عمارة متصلة، فلما انقرض أولئك القوم بقيت آثارهم في تلك الصحارى، وخربت تلك المنازل وباد أهلها، ولا يزال من دخل تلك الصحارى يحكي ما رآه فيها من الآثار والعجائب.
وقال ابن عبد الحكم: وكان الذي بنى الإسكندرية، وأسس بناءها: ذو القرنين الروميّ، واسمه: الإسكندر، وبه سميت: الإسكندرية، وهو أوّل من عمل لوشى، وكان أبوه أوّل القياصرة، وقيل: إنه رجل من أهل مصر اسمه مرزبا بن مرزبه اليونانيّ من ولد يونان بن يافث بن نوح صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان من أهل لوبية كورة من كور مصر الغربية، وقال ابن لهيعة: وأهلها روم ويقال: هو رجل من حمير. قال تبع:
قد كان ذو القرنين جدّي مسلما ... ملكا تدين له الملوك بمحشد
بلغ المغارب والمشارق يبتغي ... أسباب علم من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها ... في عين ذي خلب وثأط حرمد
ويروى: قد كان ذو القرنين قبلي مسلما، وحدّثني عثمان بن صالح، حدّثني عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن سعد بن مسعود التجيبيّ، عن شيخين من قومه قالا: كنا بالإسكندرية فاستطلنا يومنا، فقلنا: لو انطلقنا إلى عقبة بن عامر نتحدّث عنده، فانطلقنا إليه فوجدناه جالسا في داره، فأخبرنا: إنا استطلنا يومنا، فقال: وأنا مثل ذلك! إنما خرجت حين استطلته، ثم أقبل علينا فقال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أخدمه، فإذا
نام کتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 274