يقع في نهر الأبلة حتى يخرج إلى دجلة العوراء حتى يقع في بحر الهند، وفيض البصرة هو نهرها الذي البصرة عليه.
بطليوس (1)
بالأندلس من إقليم ماردة بينهما أربعون ميلاً، وهي حديثة بناها عبد الرحمن بن مروان المعروف بالجليتي بإذن الأمير عبد الله له في ذلك، فأنفذ له جملة من البناة وقطعة من المال فشرع في بناء الجامع باللبن والطابية وبنى صومعته خاصة بالحجر واتخذ مقصورة وبنى مسجداً خاصاً بداخل الحصن وابتنى الحمام الذي على باب المدينة وأقام البناة عنده حتى ابتنوا له عدة مساجد، وكان سور بطليوس مبنياً بالتراب، وهو اليوم مبني بالكلس والجندل وبني، في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
وهي [2] مدينة جليلة في بسيط من الأرض ولها ربض كبير أكبر من المدينة في شرقها خلا بالفتن وهي على ضفة نهرها الكبير المسمى الغؤور لأنه يكون في موضع يحمل السفن ثم يغور تحت الأرض حتى لا توجد منه قطرة فسمي الغؤور لذلك، وينتهي جريه إلى حصن مارتلة ويصب قريباً من جزيرة شلطيش، ومن بطليوس إلى اشبيلية ستة أيام ومنها إلى قرطبة ست [3] مراحل.
بطروش (4)
بالأندلس أيضاً في طريق قرطبة، وهو حصن كثير العمارة شامخ الحصانة، لأهله جلادة وحزم على مكافحة أعدائهما، ويحيط بجبالهم وسهولهم شجر البلوط الذي فاق طعمه كل بلوط على وجه الأرض، ولهم اهتمام بحفظه وخدمته وهو لهم غلة وغياث في سني الشدة والمجاعة.
بطن مر (5)
بالحجاز بالقرب من عسفان وبينهما أربعة وثلاثون ميلاً، وهي قرية عظيمة كثيرة الأهل حسنة المنازل كثيرة النخل والزرع فيها بركة يجري الماء فيها من الجبل، فإذا خرجت من بطن مر فعلى أربعة أميال قبر ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك على ستة أميال مسجد عائشة رضي الله عنها، ثم إلى بكة ستة أميال، يحرم أهل مكة ويخرجون إلى ذلك الموضع وهو حد الحرم من ذلك الوجه، وحول الحرم أعلام منصوبة من جوانبه، ومن بطن مر إلى بكة ستة عشر ميلاً، وبطن مر متسع وفيه، قرى كثيرة وعيون ومنه تجلب الفواكه إلى مكة شرفها الله تعالى.
بكة (6)
هو اسم من أسماء مكة شرفها الله تعالى تبدل الميم من الباء، قال تعالى: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ". قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا، وقيل بكة اسم لبطن مكة لأنهم كانوا يتباكون فيها أي يزدحمون، وقيل بكة موضع البيت ومكة ما حواليه، وقيل بكة ما ولي البيت ومكة ما حواليه، والذي عليه أهل اللغة أن بكة ومكة شيء واحد، وهي مدينة قديمة البناء أزلية معمورة مقصودة من جميع الأراضي الإسلامية وإليها حجهم، وهي بين شعاب الجبال، وطولها من جهة الجنوب إلى الشمال نحو ميلين، ومن أسفل جبل أجياد إلى ظهر جبل قعيقعان مثل ذلك، والمدينة مبنية في وسط هذا الفضاء وبنيانها بالحجارة والطين، وأحجارها من جبالها، وأسواقها قليلة؛ وفي وسط مكة مسجدها الجامع المسمى الحرم وليس لهذا الجامع سقف إنما هو دائر كالحظيرة، والكعبة هو البيت المسقف في وسط الحرم، وهذا البيت طوله من خارجه من ناحية المشرق أربع وعشرون ذراعا وكذلك طول الشقة التي تقابلها من جهة المغرب، وبشرقي هذا الوجه باب الكعبة وارتفاعه عن الأرض نحو القامة. وسطح الكعبة من داخل مساو لأسفل الباب وفي ركنه الحجر الأسود، وطول الحائط الذي من جهة الشمال وهو الشامي ثلاث وعشرون ذراعا وفيه حجر أبيض يقال إنه قبر إسماعيل عليه السلام، وفي الجهة الشرقية من الحرم قبة العباس وبئر زمزم. وما استدار بالكعبة كله حطيم توقد فيه بالليل المصابيح، وللكعبة سقفان وماء السقف الأعلى يخرج عنه إلى خارج البيت في ميزاب من الخشب وذلك الماء يقع على الحجر الذي قيل إنه قبر إسماعيل عليه السلام، والبيت كله من خارج على استدارته مكسو ثياب الحرير العراقية فلا يظهر منه شيء، وهذه الكسوة معلقة فيه بأزرار وعرى يرسلها خليفة بغداد في كل سنة وتزال الأخرى عنها ولا يقدر أحد أن يكسوها غيره فيما سلف والآن يرسلها صاحب مصر، وارتفاع سمك البيت سبع وعشرون ذراعا، ويقال إن الكعبة كانت خيمة لآدم مبنية بالطين والحجارة
(1) (Badajos) ، بروفنسال: 46، والترجمة: 58. [2] قارن بما في الإدريسي (د) : 181. [3] في الأصلين: سنة.
(4) (Pedroche) الإدريسي (د) : 213، وبروفنسال: 45، والترجمة: 57.
(5) صبح الأعشى 4: 260، ورحلة الناصري: 232.
(6) معجم ما استعجم 1: 269، ونزهة المشتاق: 50، وصبح الأعشى 4: 250 - 255.