ولكم رضيع فرقوا من أمه ... فله إليها ضجة وبغاء
ولرب مولود أبوه مجدل ... فوق التراب وفرشه البيداء
ومصونة في خدرها محجوبة ... قد أبرزوها ما لها استخفاء
وعزيز قوم صار في أيديهم ... فعليه بعد العزة استخذاء
لولا ذنوب المسلمين وانهم ... ركبوا الكبائر ما لهن خفاء
ما كان ينصر للنصارى فارس ... أبداً عليهم فالذنوب الداء
فشرارها لا يختفون بشرهم ... وصلاح منتحلي الصلاح رياء ثم تداعت لأخذها ممالك الأندلس وجمع أحمد بن سليمان بن هود صاحب سرقسطة وجهاتها أهل الثغور ونهد إليها في جمع كثيف ذوي حد وجد ففتحها الله عز وجل على يديه عنوة فقتل المقاتلة وسبى النساء والذرية ودخل منها سرقسطة نحو خمسة آلاف سبية مختارة ونحو ألف فرس وألف درع وأموال كثيرة وثياب جليلة وعدة وسلاح، وكان افتتاحه لها لثمان خلون من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وأربعمائة ومذ ذاك تسمى بالمقتدر بالله، وكانت مدة ملك النصارى لها تسعة أشهر [1] .
البراقة (2)
مدينة في جزيرة الصريف في بحر الصنف حيث مملكة المهراج، وهي مدينة لطيفة من حجر أبيض براق يسمع فيها صياح وضوضاء ولا يرى بها ساكن وربما نزل بها البحريون وأخذوا من مائها فوجدوه زلالاً حلواً [3] فيه روائح الكافور.
برقة (4)
مدينة كبيرة قديمة بين الإسكندرية وإفريقية بينها وبين البحر ستة أميال وهي مرج أفيح وتربة حمراء افتتحها عمرو بن العاصي رضي الله عنه سنة إحدى وعشرين، وفيها آثار للأول كثيرة، ومن حمرة تربتها تحمر ثياب ساكنيها والمتصرفين فيها، وعلى ستة أميال منها جبل كثير الخصب والفواكه والمياه السائحة، وتصلح السائمة في نواحيها، وأكثر ذبائح أهل مصر والإسكندرية من أغنامها لعظم خلقها وكثرة شحمها ولذة لحمها وقد تقدم ذكرها في ذكر انطابلس فلا نكرره، وبرقة أول منبر ينزلها القادم من ديار مصر إلى القيروان، ولها كور عامرة، وهي في بقعة فسيحة وأرضها حمراء خلوقية كما تقدم وبحمرة ثياب أهلها يعرف أهلها، والصادر عنها والوارد عليها كثير، وهي برية بحرية، وكان من غلاتها فيما سلف القطن الطيب، وبها ديار لدباغ الجلود البقرية والنمور الواصلة إليها من أوجلة وتتجهز منها المراكب إلى الإسكندرية وأهل مصر بالصوف والعسل، ويخرج منها التربة المنسوبة إليها يتعالج الناس بها مع الزيت للجرب والحكة ولها رائحة كريهة كرائحة الكبريت. ويذكر أن في بعض جوانب برقة وآثارها القديمة داراً منقورة في حجر صلد عليها باب من حجر صلد وذلك من أغرب ما يكون في الدنيا لا تدخل الذرة بين العضادة والباب ولا ينفتح الباب إلا للداخل ولا يقدر أحد على الخروج منه إلا أن يدخل عليه آخر ويقال إنه كان مفتحاً لا قفل له ودخلها رجل ليراها فرأى داراً منقورة في حجر صلد وفيها من عظام الناس كثير فهاله ذلك، فلما أراد الخروج وجد الباب قد انغلق فلم يقدر على فتحه فأيقن بالهلكة حتى طلبه بعض أصحابه فجاء إلى ذلك الباب فسمع صوته يستغيث ففتح الباب فخرج الرجل. بزنة
أظنها بذنة بالذال [5] قلعة في الهند كان صاحبها يعد من أعيان كفارهم وينسب إلى زيادة الاستظهار بالمال والرجال، وغزاه محمود سلطان خراسان فحين شاهد غبار طلائعه نجا بنفسه وحيداً وترك عساكره وأتباعه في حصنه للقتل والأسر حصيداً وقذف الله في قلوبهم الرعب فلاذوا بطلب الأمان وحقنوا دماءهم بقبول الإيمان وأسلم زهاء عشرين ألف نفس من عباد الأوثان، وقع الاحتواء على ثلاثين فيلاً من كبار الفيلة. [1] في حادثة بربشتر، انظر الذخيرة (القسم الثاني - المخطوط) ، والبيان المغرب 3: 225: ونفح الطيب 4: 449.
(2) البكري (مخ) : 37. [3] ص: زلالاً صافياً حلواً.
(4) الاستبصار: 143، والإدريسي (د/ ب) : 31/ 98، والبكري: 4. [5] وقعت هذه العبارة بعد لفظة ((زيادة)) في ع، وسقطت من ص.