الفواكه والبقول والحنطة والشعير والأرز، ولا يوجد بجميع بلاد الهند والصين عنب ولا تين البتة، وهذه المدينة دار ملك البغبوغ وموضع رجاله وخزائن أمواله وقصور حرمه وعياله، ولهذا الملك مائة زوجة بمهور وانفاذ، ومن لم يملك منهم هذا العدد لا يسمى عندهم ملك الملوك ولهم الفيلة المعدة للحروب ألف فيل بعدتها وأسلحتها ومن لم يكمل له هذا العدد فليس بملك الملوك، ولا يلي الصين إلا من ورثه عن آبائه وإخوته أو أقاربه، وهم جادون على سنن العدل وطريق الأمان وسيرهم حميدة، وهذه المدينة على ضفة نهر الصين.
باشو (1)
بلد بجزيرة شريك العبسي كان عاملاً عليها في قديم الزمان، وباشو قبلة مدينة تونس وباشو هذه أم أقاليمها، وكانت مدينة كبيرة آهلة بها جامع وحمامات وثلاث رحاب وأسواق عامرة وبها قصر أحمد بن عيسى القائم على بني الأغلب. وبجزيرة شريك اجتمعت الروم بعد دخول عبد الله بن أبي سرح المغرب وتبادروا منها مدينة اقليبيا وما حولها، ثم ركبوا منها إلى جزيرة قوصرة وهي بين صقلية وإفريقية وكانت إذ ذاك عامرة، فيقال إنهم أقاموا بها إلى خلافة عبد الملك بن مروان، فاغتزى عبد الملك بن قطن في البحر ففتح ما كان هناك من الجزائر والقصور وخربها وقفل ظافراً. ومن تونس إلى منزل باشو مرحلة وبينهما قرى كثيرة، ويقال إن سواري جامع منزل باشو نقلت إلى تونس فبني عليها جامع القصبة بتونس، ومدينة باشو اليوم خراب لم يبق منها إلا مكانها وفيه قصر معمور وكانت أراضيها مباركة طيبة ذات شجر وزيتون وعمارات متصلة. بانقيا (2)
أرض بالنجف دون الكوفة وكان إبراهيم الخليل ولوط عليهما السلام نزلا بها يريدان بيت المقدس مهاجرين وكانت تزلزل في كل ليلة وكانت ضخمة، فلما باتا بها لم تزلزل في تلك الليلة، فمشى بعضهم إلى بعض تعجباً من عافيتهم في ليلتهم فقال صاحب منزل إبراهيم عليه السلام: ما رفع عنكم إلا شيخ يبات عندي كان يصلي ليله ويبكي فاجتمعوا إليه فسألوه المقام عندهم على أن يجمعوا له من أموالهم فيكون أكثرهم مالاً فقال: لم أؤمر بذلك وإنما أمرت بالهجرة، فخرج حتى أتى النجف فلما رآه رجع أدراجه فقال لمن تلك الأرض بعد النجف قالوا: هي لنا [3] ، قال: فتبيعونها؟ قالوا: هي لك فوالله ما تبت شيئاً قال: لا أحب إلا أن يكون شراء، فدفع إليهم غنيمات كن معه، والغنم يقال لها بالنبطية نقيا.
باغاية (4)
مدينة بإفريقية أولية جليلة بقرب مسكيانة ذات أنهار وثمار ومزارع ومسارح، وهي على مقربة من جبل أوراس المتصل بالسوس، وبهذا الجبل قام أبو يزيد مخلد بن كيداد النفزي الزناتي النكار على أبي القاسم بن عبيد الله الشيعي وبه كان مستقر الكاهنة، وكانت حين نهدت إلى حرب حسان بن النعمان الغساني حين أغزاه عبد الملك بن مروان إفريقية اجتازت على باغاية فأخربتها وأخرجت من فيها وظنت أن حسان يريد أن يتحصن بها إلى أن كان من أمرها ما ذكرناه في حرف الألف عند ذكر أوراس.
ورأيت في موضع آخر أنه مسيرة سبعة أيام وفيه قلاع كثيرة يسكنها قبائل هوارة ومسكيانة وهم على رأي الخوارج الاباضية.
وباغاية [5] مدينة كبيرة عليها سوران من حجر، وربض وعليه سور، وكانت الأسواق فيه وأما الآن فالأسواق بالمدينة والأرباض خالية بإفساد العرب لها، ولها واد يجري إليها من جهة القبلة منه شربهم، ولهم أيضاً آبار عذبة وكانت لها بواد وقرى وعمارات والآن قل ذلك فيها، وحولها عمارات برابر،، وغلاتهم الحنطة والشعير، وقبض مغارسها لأشياخها.
وعلى أميال منها جبل أوراس المذكور، وهو يشق بلاد الغرب وبلاد إفريقية، فطرفه من البحر الغربي حيث البحر المحيط حيث انتهى عقبة المستجاب رحمه الله، وطرفه الثاني في البحر الشرقي بقرب الإسكندرية وهو المسمى بطرف أوثان الذي إذا عدته المراكب استبشرت بالسلامة، مبدؤه هو الذي بالمغرب وهو جبل المصامدة المسمى بدرن وهو جبل جزولة المسمى بانكسيت، وهو جبل أوراس هذا، ويسكنه لواتة وهو جبل نفوسة، ويدخل طرفه في البحر نحو مائة ميل وأزيد، وله جون عظم، فإن أدخلت
(1) البكري: 45.
(2) انظر ياقوت: (بانقيا) . [3] زيادة من ياقوت، سقطت من الأصل.
(4) البكري: 50، وبعض النص من الصفحة: 144، ومتفق في أكثره مع الاستبصار: 163. [5] من هنا عن الإدريسي (ب/ د) : 74/ 103.