فالأبيض لبني فزارة والأسود لبني والبة بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بينهما فرسخ، وإياهما عنى مهلهل بقوله يعني ابنته:
انكحها فقدها الأراقم في ... جنب وكان الحباء من أدم
لو بأبانين جاء يخطبها ... ضرج ما أنف خاطب بدم
أبرق العزاف (1)
واد بالحجاز يقال إنه لا يتوارى جنه، قال خريم بن فاتك الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ألا أحدثك كيف كان بدء إسلامي، قال: بلى، قال رضي الله عنه: خرجت في طلب إبل لي ... وبقية الحكاية في حرف الخاء من ابن عساكر " خريم بن فاتك " فانظره [2] .
الأبطح (3)
بمكة شرفها الله تعالى، وقريش فريقان: قريش البطاح وقريش الظواهر، فقريش البطاح هم الذين ينزلون بطحاء مكة وهم بنو عبد مناف وبنو عبد الدار وبنو عبد العزى وبنو عدي بن قصي بن كلاب وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم وبنو مخزوم وبنو سهم وبنو جمح، وقريش الظواهر الذين ينزلون حول مكة وهم بغيض بن لؤي وبنو الأدرم بن غالب ومحارب والحارث ابنا فهم، وسائر قريش الذين ليسوا من الأباطح ولا من الظواهر هم: سامة بن لؤي وخزيمة بن لؤي وبنو عوف بن لؤي، ويقال لرسول صلى الله عليه وسلم الأبطحي لأنه من ولد عبد مناف، وكان يقال لعبد المطلب سيد الأباطح. وقال أبو رافع، وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم: لم يأمرني أن أنزل بالأبطح ولكن ضرب قبته فنزله.
أبهر
بلد ما بين قزوين وزنجان، من قزوين إليها اثنا عشر فرسخاً ومنها إلى زنجان خمسة عشر فرسخاً. قالوا: وأبهر أيضاً في أصبهان ينسب إليها أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري الفقيه المالكي [4] جمع بين القراءات وعلو الأسانيد وتفقه ببغداد وشرح مختصر ابن عبد الحكم، وانتشر عنه مذهب مالك رحمه الله في البلاد. ومولده قبل التسعين والمائتين، ومات سنة خمس وسبعين وثلثمائة. أبيوود
من مدن خراسان، فيها ولد الفضيل بن عياض الزاهد بمكة سنة سبع وثمانين ومائة، قال سفيان بن عيينة [5] : دعانا الرشيد فدخلنا عليه ودخل الفضيل آخرنا مقنعاً رأسه بردائه، فقال: يا سفيان أيهم أمير المؤمنين؟ فقلت: هذا، فقال: أنت يا حسن الوجه الذي أمر هذه الأمة كلها في عنقك؟ لقد تقلدت أمراً عظيماً، فبكى الرشيد، ثم أتي كل رجل منا ببدرة فكل قبلها إلا الفضيل، فقال الرشيد: يا أبا علي إن لم تستحل أخذها فخذها فأعطها ذا دين وأشبع بها جائعاً واكس عارياً وفرج بها عن مكروب، فاستعفاه منها، فلما خرج قلت له: يا أبا علي أخطأت ألا أخذتها وصرفتها في أبواب البر، فأخذ بطرف لحيتي ثم قال: يا أبا محمد أنت فقيه البلد والمنظور إليه وتغلط هذا الغلط! لو طابت لأولئك لطابت لي، قال سفيان: فصغر والله إلي نفسي.
ومن أهل أبيورد محمد بن أحمد الأموي أبو المظفر الأبيوردي [6] أوحد عصره في معرفة اللغة والأنساب وغير ذلك له تصانيف كثيرة، منها " تاريخ ابيورد ونسا " و " المختلف والمؤتلف " و " طبقات العلم في كل فن " و " ما اختلف وائتلف في أنساب العرب "، وله في اللغة مصنفات ما سبق إليها، وكان متصرفاً في فنون جمة، فصيح الكلام حاذقاً بالتصنيف وافر العقل، سئل عن أحاديث الصفات فقال: بعر وتمر، وقال في قوله صلى وسلم الله عليه " ليس لعرق ظالم حق "، العروق أربعة: عرقان ظاهران وعرقان باطنان، فالظاهران الغرس والبناء والباطنان البئر والمعدن [7] وله:
تنكر لي دهري ولم يدر أنني ... أعز وأحداث الزمان تهون
فظل يريني الخطب كيف اعتداؤه ... وظلت أريه الصبر كيف يكون وله:
(1) معجم ما استجمع 2: 940. [2] تهذيب ابن عساكره 5: 128 - 132، والقصة طويلة، وخلاصتها أنه سمع هاتفاً يهتف باسم الرسول ويعدعوه إلى الرشد فتوجه إلى المدينة وأسلم.
(3) معجم ما استجمع [1]: 257 (البطحاء) ، [1]: 97. [4] الديباج المذهب: 255. [5] انظر القصة في ابن خكان 4: 47 (رقم: 531) . [6] ابن خلكان 4: 444 (رقم: 674) . [7] قال ابن الأثير في النهاية (3: 86 - 87) في تفسير الحديث: هو أن يجيء الرجل غلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرساً غصباً ليستوجب به الأرض، وانظر إرشاد الساري 4: 184، ونقل عن ابن شعبان في الزاهي قوله: العروق أربعة: عرقان ظاهران، وعرقان باطنان، فالظاهران البناء والغراس والباطنان الآبار والعيون.
في المعارف " يضم حرصه على أن يكون عارفاً بشؤون البلدان؛ ثم هل يمكن أن يتجاوز ما يتقنه في اللغة والنحو والقراءات فلا يؤلف فيها، ويكون مؤلفه " الوحيد " كتاباً جغرافياً؟ لماذا - وهذا الكتاب من أبرز ما يمثل جهده - لم تذكره الكتب التي ترجمت له؟ [7] - كل هذه التساؤلات التي أثرناها تضعنا في حيرة إزاء العلاقة بين ابن عبد المنعم و " الروض المعطار ". ومما يجعل هذا الموقف أشد عسراً أن كل محاولة لمعرفة مؤلف الروض من خلال كتابه - عدا تلك الإشارات الصغيرة العامة التي ألمحت إليها من قبل - تبوء بالإخفاق الذريع: لنأخذ الحقيقة الأولى وهي أن المؤلف سبتي: فماذا نجد؟ ليس حديثه عن سبتة إلا من خلال الآخرين، فإنه ينقل ما يقوله الإدريسي وصاحب " الاستبصار " وليس لديه كلمة واحدة - من عند نفسه - يقولها في سبتة. أما اهتمامه بأبي العباس الينشتي [1] الذي استقل في سبتة في أواخر عصر الموحدين فإنه لا يختلف عن اهتمامه بأحداث القرن السابع جملة، وهو شيء يرجع الفضل فيه - فيما اعتقد - إلى المصدر الذي اعتمده لا إلى معرفته الذاتية العيانية.
وهل يعقل أن يقول ابن سبتة المغربي وهو يتحدث عن " سلا " (المدينة الواقعة إلى جانب الرباط) ثم عن " سلى " التي في بلاد السودان: " ولا أدري هل هذه سلا التي ذكر أنها على ضفة البحر " ثم يذكر بعد قليل أن هذه " سلى " - الثانية - " من عمالة التكروري "؟ أقول: هل يعقل أن لا يعرف بأن سلا الواقعة في منطقة الدولة المرينية ليست هي الواقعة في عمالة التكروري؟ ومثل ذلك أن يقول في " الزهراء ": " مدينة في غربي قرطبة؟ كذا قالوا، ولا أدري أهي الزاهرة المتقدمة الذكر أو غيرها ". ربما كانت المدينتان في عصره قد اندثرتا، ولكن أليس يدل هذا على أن معلوماته التاريخية - حتى عند الأندلس - كانت قاصرة، وأن المقري كان مخطئاً حين تصور أن رب البيت أدرى بالذي فيه، إذ كان قد فصل بين الماضي والحاضر عندئذ مضيق متباعد العبرين، أوسع بكثير من بحر الزقاق.
8 - وليس في كتاب الروض ما يشارف مطالع القرن الثامن - أو يتعداها قليلاً - إلا حادثتان: الأولى في مادة " أيلة " حيث جاء " ثم أصلحها السلطان [الأشرف قانصوه الغوري آخر ملوك الجراكسة من جملة ما أصلح في طريق الحجاج في أواخر عمره قبل العشرين والسبعمائة] والثانية في مادة " لوجارة " حين تحدث عمن بقي من المسلمين بها ثم قال: " وآل أمرهم في هذا العهد القريب إلى أن أجلاهم عنها صاحب صقلية الآن ". وقد بين الأستاذ رتزيتانو أن ذلك الإجلاء قد تم على يد الملك شارل الثاني سنة 700.
وحين نقف عند هاتين الروايتين نجد أن العبارة الأولى وردت مبتورة في نسخة بيرم باشا، كاملة في نسخة الشيخ محمد نصيف؛ وهي إلى ذلك قد تضمنت هفوة جسيمة: إذ كيف يكون قانصوه [1] انظر مادة " ينشته " في الكتاب.