نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 551
والحكاية المشهورة في الاحتيال على هدمه ونبذ من أخباره قد تقدم في رسم الإسكندرية من باب الألف.
رأس منف [1] :
مدينة في البلاد المصرية قديمة، كانت دار مملكة ملوك درجوا مما يلي جبل المقطم، وأكثرها الآن خراب، وبها كان فرعون موسى، وكان اتخذ لها سبعين باباً، وفصل حيطان المدينة بالحديد والصفر، وبها كانت الأنهار تجري من تحت سريره، وهي أربعة. قال رجل: رأيت بمنف دار فرعون، وكنت أمشي في مجالسه وغرفه وجميع سقائفه وحجره، فإذا ذلك كله حجر واحد منقور، فإن كان بناء قد أحكم حتى صار في الاستواء كحجر واحد لا يستبين فيه جمع بين حجرين فذلك عجب، وإن كان جبلاً واحداً فنقرت الرجال فيه بالمناقر حتى تخرقت فيه تلك المخارق فهو أعجب وأعجب.
وقد تنازع الناس في أمر فرعون موسى، فمنهم من رأى أنه من العماليق، ومنهم من قال: هو من لخم من الشام، ومنهم من رأى أنه من الفرس من مدينة اصطخر، ومنهم من رأى أنه من القبط من ولد مصرام، والقبط تثبت ذلك، وزعم قوم أنه من الأعاجم من الأندلس من قرمونة، وذكروا أن اسمه الوليد بن مصعب، وكان سبب ملكه أنه دخل مدينة منف من البادية يحمل خمراً على أتان له، وكان أهل منف قد اختلفوا في تولية ملك، فأجمعوا أن يكون أول من يدخل ذلك اليوم على باب المدينة، فكان أول داخل فرعون، فولوه الملك. وكانت مدينة منف في ذلك الزمان قاعدة مصر ومدنها ودار مملكتها، فلما تمكن فرعون ببلاد مصر بذل الأموال وجمع الجيوش، وقتل من خالفه وناوأه، ومدن المدن، وخندق الخنادق، واستقر له الأمر، وكان جباراً معجباً يدعو الناس إلى عبادته ويقول: أنا ربكم الأعلى، واستعبد بني إسرائيل، فكان من أمره مع موسى عليه السلام ما نصه الله تعالى في كتابه، فلما هلك رجعت بلاد مصر لبني إسرائيل يتوارثونها ملكاً عن ملك [2] ، ومنهم كان داود وسليمان عليهما السلام، إلى أن بعث الله عيسى عليه السلام وظهر دين النصرانية، وملك النصارى أرض مصر يتوارثونها إلى أن جاء الله تعالى بالإسلام.
المنستير [3] :
محرس من محارس سوسة بإفريقية، مشهور الفضيلة، قيل إن الذي بنى القصر الكبير بالمنستير هرثمة بن أعين سنة ثمانين ومائة، وله في يوم عاشوراء موسم عظيم ومجمع كبير، وبالمنستير البيوت والحجر ومواجل الماء، وهو حصن عالي البناء متقن العمل، وفي الطبقة الثانية مسجد لا يخلو من شيخ فاضل يكون مدار القوم عليه، وفيه جماعة من الصالحين والمرابطين قد حبسوا أنفسهم منفردين دون الأهل والعشائر، وداخل قصر المنستير ربض واسع، في وسطه حصن ثان كثير المساكن والمساجد والقصاب العالية، طبقات بعضها فوق بعض، وفي القبلة منه صحن فيه قباب عالية متقنة حولها النساء المرابطات، ولها حمامات كثيرة. وكان أهل القيروان يخرجون له من الأموال والصدقات كثيراً. وبقرب المنستير ملاحة عظيمة تشحن منها السفن الملح إلى البلاد، وبقربه محارس خمسة متقنة البناء معمورة بالصالحين، والأعراب لا تضرهم في شيء من أسبابهم، وبه مدفن أهل المهدية، يحملون موتاهم في الزوارق إليها ثم يعودون إلى بلدهم.
وبقرب القيروان: منستير عثمان [4] بينهما ست مراحل، وهي قرية كبيرة آهلة بها جامع وفنادق كثيرة وأسواق وحمام وبئر لا تنزف، وقصر للأول مبني بالصخر، وأرباب المنستير قوم من قريش من ولد الربيع بن سليمان، وهو اختطها عند دخوله إفريقية، وهذا خلاف ما تقدم، إلا أن يكون هرثمة مجدداً له فيصح، أو يراد منستير عثمان [5] ، وبها عرب وبرابر وأفارق، ومنها إلى باجة ثلاث مراحل. منى:
جبل بمكة شهير، يذكر ويؤنث، وفيه يقول الشاعر:
ولم أر ليلى قبل موقف ساعة ... بخيف منى ترمي جمار المحصب ومنى [6] شبه القرية، بنيت على ضفتي الوادي النازل من عرفات، وفي وسط ذلك الوادي الجمرتان: الأولى جمرة العقبة، [1] الاستبصار: 83، وصبح الأعشى 3: 316، وانظر ابن خرداذبه: 161، والإدريسي (د) : 145، وياقوت (منف) ، وآثار البلاد: 274، وخطط المقريزي 1: 134. [2] هذا غير صحيح تاريخياً ولا أدري من أين نقله المؤلف. [3] البكري: 36، ثم الإدريسي (د) : 108، وانظر الاستبصار: 120، ورحلة التجاني: 30، وفي صبح الأعشى 4: 244 نقل عن الروض. [4] البكري: 55 - 56. [5] المقصود ((منستير عثمان)) لا المنستير الذي هو محرس من محارس سوسة، والبكري واضح في التمييز بينهما. [6] الاستبصار: 30.
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 551