نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 169
ولما وقعت المنازعة بين عبد الملك ومعاوية بن حديج في غنائم جلولا ثقل عبد الملك على معاوية بن حديج وكان يتجهمه ولا يقبل عليه، فرأى حنش الصنعاني عبد الملك منكسراً متغيراً فقال له: ما شأنك؟ قال: إني أبعد قريش مجلساً من الأمير، فقال له حنش: لا تغتم فوالله لتلين الخلافة وليصيرن الأمر إليك، فلما أفضت الخلافة إلى عبد الملك وبعث الحجاج بن يوسف لقتال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وقتل عبد الله أخذ حنشاً الصنعاني أسيراً فبعث به إلى عبد الملك فقال له عبد الملك: ألست الذي بشرتني بالخلافة؟ قال: بلى، قال: فلم ملت عني إلى ابن الزبير؟ قال: رأيته يريد الله تعالى ورأيتك تريد الدنيا فملت إليه، فعفا عنه وأطلقه.
جليقية [1] :
الجلالقة من ولد يافث بن نوح عليه السلام وهو الأصغر من ولد نوح، وبلدهم جليقية، وهي تلي الغرب وتنحرف إلى الجوف، وكانوا حوالي مدينة براقرة [2] التي في وسط الغرب؛ وبراقرة هذه أولية من قواعد الروم، ودور مملكتهم شبيهة بماردة في اتقان بنائها وصنعة أسوارها وهي اليوم مهدومة الأكثر خالية، هدمها المسلمون وأجلوا أهلها.
وبلد الجليقيين سهل، والغالب على أرضهم الرمل وأكثر أقواتهم الدخن والذرة، ومعولهم في الأشربة على شراب التفاح واليشكة [3] وهو شراب يتخذ من الدقيق، وأهلها أهل غدر ودناءة أخلاق لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرة أو مرتين بالماء البارد، ولا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تنقطع عليهم، ويزعمون أن الوضر الذي يعلوها من عرقهم به تتنعم أجسامهم وتصلح أبدانهم، وثيابهم أضيق الثياب وهي مفرجة يبدو من تفاريجها أكثر أبدانهم. وفيهم بأس شديد، لا يرون الفرار عند اللقاء ويرون الموت دونه.
وتنتهي أحواز الجليقيين في الجوف إلى البحر المحيط وفي القبلة إلى أحواز مدينة طلسونة وقاعدتهم مدينة أقش [4] وهي مبنية بالصخر المربع الكبير على نهر لهم يدخل فيه المجوس مراكبهم، وفي المدينة حمة غزيرة واسعة الفضاء يستحم أهلها في جنباتها على بعد من عنصرها لشدة سخونته.
جلق:
بالشام وهي دمشق. وفي أخبار العجم أن شهريار بنى لدمشوس الملك مدينة جلق وهي مدينة دمشق، وحفر نهرها بردى ونقره في الجبل حتى جرى إلى المدينة. وهناك كانت مساكن آل جفنة الغسانيين الذين مدحهم في الجاهلية حسان بن ثابت رضي الله عنه، وفيهم يقول:
لله در عصابة نادمتهم ... يوماً بجلق في الزمان الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول وسنذكر خبر دمشق في موضعها إن شاء الله تعالى.
وكان [5] آخر ملوك الشام من الغسانيين جبلة بن الأيهم بن الحارث بن ثعلبة بن جفنة بن عمرو ممدوح حسان بن ثابت رضي الله عنه، وأسلم جبلة هذا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ ثم تنصر بعد ذلك ولحق بالروم، وقد اختلف في سبب تنصره، فقيل إنه مر في سوق دمشق فأوطأ رجلاً فرسه فوثب الرجل فلطمه، فأخذ الغسانيون ذلك الرجل ودخلوا به على أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فقالوا: إن هذا الرجل لطم سيدنا، فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: البينة أنه لطمك، قال له جبلة: وما تصنع بالبينة؟ قال: إن كان لطمك لطمته قال: ولا يقتل؟ قال: لا، قال: ولا تقطع يده؟ قال: لا إنما أمر الله تعالى بالقصاص فهي لطمة بلطمة، فخرج جبلة ولحق بأرض الروم وتنصر. وقيل كان سبب ذلك أنه وطئ رجل من بني فزارة على إزار جبلة فلطمه جبلة فأدخله الرجل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له عمر رضي الله عنه: إنه يلطمك كما [1] البكري (ح) : 71، 80، وبروفنسال: 66، والترجمة: 83. [2] هي (Bracra Augusta) عند الرومان ثم سميت (Braga) . [3] ص والبكري: والبشكة، وعند بروفنسال: أنشيكة، ووردت في بعض أصول الروض تارة النيشكة، وتارة: الينشكة. [4] مرت مادة ((أقش)) وكرر المؤلف هنا بعض ما ذكره هنالك. [5] قارن بما في الأغاني من خبر جبلة 15: 125.
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 169