نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 165
فإن أبا عبيدة قد أحيط به، وكتب إليه: سرح سهيل بن عدي إلى الجزيرة في الجند وليأت الرقة فإن أهل الجزيرة ثم استطاروا [1] الروم على أهل حمص، فمضى القعقاع في أربعة آلاف من يومهم الذي أتاهم فيه الكتاب، ولما بلغ أهل الجزيرة الذين أعانوا الروم على أهل حمص أن الجنود قد خرجت من الكوفة تفرقوا في بلدانهم خوفاً عليها وخلوا الروم، فقالوا فيما بينهم: إنكم بين أهل العراق وأهل الشام فما بقاؤكم على حرب هؤلاء؟ فرغبوا في الصلح، فقبل منهم وهم أهل الرقة ونصيبين وحران وكلهم دخلوا على الجزية، فكانت الجزيرة أسهل البلدان أمراً. وقال في ذلك سهل بن عدي [2] :
فضاربنا العداة غداة سرنا ... إلى أهل الجزيرة بالعوالي
ولم نثن الأعنة حين سرنا ... بجرد الخيل والأسل النهال
وأجهضنا الأولى ثاروا بحمص ... وقد منوا أماني الضلال
أخذنا الرقة البيضاء لما ... رأينا الشهر لوح بالهلال
وأزعجت الجزيرة بعد خفض ... وقد كانت تخوف بالزوال
وصار الخرج صافيه [3] إلينا ... بأكناف الجزيرة عن قتال والجزيرة أيضاً بالأندلس، وتعرف بالجزيرة الخضراء وسيأتي الكلام عليها في حرف الخاء المعجمة إن شاء الله تعالى.
وفي قبلي تونس من إفريقية جزيرة شريك العبسي [4] وكان عاملاً عليها، وأم أقاليمها مدينة باشو، وهي عمل كبير محتو على بلاد وقرى وأنظار كثيرة.
وكذلك أعمال صطفورة، وتعرف الآن ببنزرت، من جملة كورها عمل الجزيرة، ويقال جزيرة بنزرت لإحاطة البحر بها ولها أيضاً كور وأقاليم وبلاد وأعمال. جزيرة القرود[5] :
بالقرب من جزيرة الرانج وبمقربة من أرض الحبشة، وهي جزيرة كبيرة فيها غياض وشجر وجراف منيعة وبها أنواع من التمر، والقرود بهذه الجزيرة كثيرة تتولد وتتزايد حتى إنها قد تغلبت على هذه المدينة لكثرتها، ويقال إن لها أميراً تنقاد إليه وتحمله على أعناقها ويحكم عليها حتى لا يظلم بعضها بعضاً، وألوان هذه القرود إلى الحمرة، وهي ذات أذناب ولها ذكاء وحدة فهم، وإذا انكسر على جزيرتها مركب أو لجأ إليها أحد من الناس عذبته عذاباً بليغاً بالعض والرجم بالقاذورات وعبثت بمن سقط في أيديها عبثاً عظيماً وربما قتلته سرعاً، وقد يتصيدها الناس ويخرجونها إلى بلاد اليمن فتباع بالثمن الكثير، وتجار اليمن يتخذونها في حوانيتهم حراساً كالعبيد تحرس أمتعة مواليها فلا يقدر أحد على خدعتها ولا على أخذ شيء مما بأيديها لما هي عليه من نهاية الذكاء.
جزيرة السامري [6] :
في بحر القلزم، ويسكنها قوم من اليهود السامرية، وعلامتهم أن يقول أحدهم إذا لاقى إنساناً: لا مساس، وبهذه اللفظة يعرف أنهم من اليهود المنسوبين إلى السامري صاحب العجل في زمن موسى عليه السلام.
وفي هذا البحر من السمك حوت مربع عرضه قريب من طوله، وربما بلغ الواحد منه قنطاراً وهو حوت أحمر شهي الطعم حسن الذوق لا سهك فيه [7] ، وفيه سمك آخر طوله شبر ونصف له رأسان: رأس في موضع رأسه ورأس في موضع ذنبه، وفي كل واحد من هذين الرأسين عينان وفم، وتصرفه في البحر يكون مرة إلى هاهنا ومرة إلى هاهنا، إلى أمام وإلى خلف، ويسمى هذا السمك الخنجر، وفيه سمك يقال له القرش، هو نوع من كلاب البحر، في فمه سبعة صفوف أضراس، فيه ما طوله عشرة أشبار وأكثر وأقل، ومراكب هذا البحر كلها مؤلفة بالدسر، محررة [8] بحبال [1] الطبري: هم الذين استثاروا. [2] هو أخو سهيل بن عدي. [3] ع: إليه. [4] البكري: 45. [5] نزهة المشتاق: 23، وابن الوردي: 63. [6] كلها عن نزهة المشتاق: 49. [7] نزهة المشتاق: ولا شوك به. [8] نزهة المشتاق: مجرورة.
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 165