نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 112
ونهر عيسى الأعظم الذي يأخذ من معظم الفرات تدخل فيه السفن العظام التي تأتي من الرقة يحمل فيها الدقيق والتجارات من الشام ومصر، وتصير إلى فرضة عليها الأسواق وحوانيت التجار لا تنقطع صيفاً ولا شتاء، ولهم الآبار التي يدخلها الماء من هذه القنوات، وإنما احتيج إلى هذه القنوات لكبر البلد وسعته، ولها فهم بين دجلة والفرات من جميع النواحي تتدفق عليهم المياه حتى غرسوا النخل الذي حمل من البصرة وغيرها فصار ببغداد أكثر منه بالبصرة والكوفة والسواد، وغرسوا الأشجار فأثمرت ثمرات عجيبة وكثرت البساتين والجنات في أرض بغداد من كل ناحية لطيب المياه وطيب الأرض، وعمل فيها كل ما يعمل في بلد من البلدان، لأن حذاق أهل الصناعات انتقلوا إليها من كل بلد وأتوها من كل أفق ونزعوا إليها من الأداني والأقاصي، فهذا الجانب الغربي من بغداد وهو جانب الكرخ وجانب الأرباض، وفي كل طرف منه مقبرة وقرى متصلة وعمارات مادة، والجانب الشرقي من بغداد نزله المهدي بن المنصور وهو ولي عهد أبيه وابتدأ بناءه سنة ثلاث وأربعين ومائة، واختط المهدي قصوره بالرصافة إلى جانب المسجد الجامع الذي بالرصافة وحفر نهراً يأخذ من النهروان سماه نهر المهدي يجري في هذا الجانب، واقطع المهدي اخوته وقواده بعد من اقطع في الجانب الغربي وهو جانب مدينته، وقسمت القطائع في هذا الجانب، وتنافس الناس في النزول مع المهدي لمحبتهم له ولتوسعته عليهم ولأنه كان أوسع الجانبين أرضاً. وفي الجانب الشرقي الذي نزله المهدي أربعة آلاف درب وسكة وخمسة عشر ألف مسجد سوى ما زاد الناس وخمسة آلاف حمام سوى ما زاد الناس بعد ذلك. قود وثيقة من أسفلها محكمة بالصاروج والآجر من أعلاها، فتدخل المدينة وتنفذ في أكثر شوارعها، وشوارع الأرباض صيفاً وشتاء قد هندست هندسة لا ينقطع الماء منها في وقت، وقناة أخرى من دجلة على هذا المثال سماها دجيلاً، وجر لأهل الكرخ وما اتصل به نهراً يسمى نهر الدجاج لأن أصحاب الدجاج كانوا يقعدون عنده، ونهر عيسى الأعظم الذي يأخذ من معظم الفرات تدخل فيه السفن العظام التي تأتي من الرقة يحمل فيها الدقيق والتجارات من الشام ومصر، وتصير إلى فرضة عليها الأسواق وحوانيت التجار لا تنقطع صيفاً ولا شتاء، ولهم الآبار التي يدخلها الماء من هذه القنوات، وإنما احتيج إلى هذه القنوات لكبر البلد وسعته، ولها فهم بين دجلة والفرات من جميع النواحي تتدفق عليهم المياه حتى غرسوا النخل الذي حمل من البصرة وغيرها فصار ببغداد أكثر منه بالبصرة والكوفة والسواد، وغرسوا الأشجار فأثمرت ثمرات عجيبة وكثرت البساتين والجنات في أرض بغداد من كل ناحية لطيب المياه وطيب الأرض، وعمل فيها كل ما يعمل في بلد من البلدان، لأن حذاق أهل الصناعات انتقلوا إليها من كل بلد وأتوها من كل أفق ونزعوا إليها من الأداني والأقاصي، فهذا الجانب الغربي من بغداد وهو جانب الكرخ وجانب الأرباض، وفي كل طرف منه مقبرة وقرى متصلة وعمارات مادة، والجانب الشرقي من بغداد نزله المهدي بن المنصور وهو ولي عهد أبيه وابتدأ بناءه سنة ثلاث وأربعين ومائة، واختط المهدي قصوره بالرصافة إلى جانب المسجد الجامع الذي بالرصافة وحفر نهراً يأخذ من النهروان سماه نهر المهدي يجري في هذا الجانب، واقطع المهدي اخوته وقواده بعد من اقطع في الجانب الغربي وهو جانب مدينته، وقسمت القطائع في هذا الجانب، وتنافس الناس في النزول مع المهدي لمحبتهم له ولتوسعته عليهم ولأنه كان أوسع الجانبين أرضاً. وفي الجانب الشرقي الذي نزله المهدي أربعة آلاف درب وسكة وخمسة عشر ألف مسجد سوى ما زاد الناس وخمسة آلاف حمام سوى ما زاد الناس بعد ذلك.
وانتقل المعتصم إلى سر من رأى في سنة ثلاث وعشرين ومائتين واتصل مقامه بها مدة حياته وأيام الواثق والمتوكل ولم تخرب بغداد ولا نقضت أسواقها لأنهم لم يجدوا منها عوضاً ولأنه اتصلت العمارة والمنازل بين بغداد وسر من رأى.
قال أحمد بن أبي الطاهر: أخذ الطول من الجانب الشرقي من بغداد الأمير الناصر لدين الله عند دخوله مدينة السلام فوجد مائتي حبل وخمسين حبلاً وعرضه مائتي حبل وخمسة أحبل تكون ستة وخمسين ألف جريب ومائتين وخمسين جريباً، ووجد طول الجانب الغربي مائتين وخمسين حبلاً وعرضه خمسين حبلاً يكون ذلك سبعة عشر ألف جريب وخمسمائة جريب، فجميع ذلك ثلاثة وسبعون ألف جريب وسبعمائة جريب وسبعون جريباً.
وحكى الهيثم بن عدي [1] أن المنصور لما جلس في قصره بباب الذهب أذن لرسل ملك الروم فدخلوا عليه فقال لرسول ملك الروم: هل ترى عيباً؟ قال: نعم عيوباً ثلاثة، قال: ما هي؟ قال: النفس خضراء ولا خضرة عندك، والحياة في الماء ولا ماء عندك، وعدوك مخالطك ومطلع على سرك، قال: أما الماء فحسبي منه ما بلغ الشفة، وأما الخضرة فللجد خلقت لا للعب، وأما السر فلا أبالي علم سري رعيتي أم ولدي وخاصتي، فأمسك الرومي عن الكلام. ثم تعقب أبو جعفر الرأي فرأى أن القول ما قال، فاتخذ العباسية وأجرى القناة من دجلة وأخرق السوق عن المدينة، فلما فعل ذلك وجلس في قصره بالخلد نظر إلى التجار من البزازين والصيرفي والقصاب وطبقات السوقة فتمثل بهذين البيتين:
كما قال الحمار لسهم رام ... لقد جمعت من شتى لأمر
جمعت حديدة وجمعت نصلاً ... ومن عقب البعير وريش نسر ثم قال: يا ربيع إن هذه العامة تجمعها كلمة وترأسها السفلة ولا أرينك معرضاً عنها فإن إصلاحها يسير وإصلاحها بعد إفسادها عسير فاجمعها بالرهبة واملأ صدورها بالهيبة وما استطعت من رفق بها وإحسان إليها فافعل.
وفي هذا الذي ذكرناه من أولية بغداد كفاية وهي أعظم مما قيل وأشهر حالاً مما ذكر فلنقتصر على هذا القدر. ثم إن دولة بني العباس استمرت بها من مبايعة السفاح بالكوفة يوم الخميس لثلاث عشرة خلون من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى أن ملكها الططر حين دخلوا العراق واستولوا على تلك الآفاق وقتلوا الخليفة المستعصم.
البغيبغة:
على التصغير، ضيعة وعين كانت لعلي بن أبى طالب رضي الله عنه ثم وقفها هي وعين أبي نيزر ونص كتاب الوقف: هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين [2] تصدق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي نيزر والبغيبغة على فقراء المدينة وابن السبيل ليقي [1] تاريخ بغداد 1: 78. [2] أول المادة سقط من ص ع، وقد أكملته اعتماداً على ما ورد في معجم ما استعجم 1: 658 وياقوت (يغيبغة) ، والكامل للمبرد 3: 206 - 209.
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : الحميري، ابن عبد المنعم جلد : 1 صفحه : 112