[ () ] سماع ببغداد من جلة المحدثين والفقهاء والنحويين، لقي الجاحظ والمبرد وثعلبا وابن قتيبة، ولقي من الشعراء أبا تمام حبيبا ودعبلا وابن الجهم والبحتري. ومن الكتاب سعيد بن حميد وسليمان بن وهب وأحمد بن أبى طاهر وغيرهم، وهو الّذي ادخل افريقية رسائل المحدثين وأشعارهم وطرائف أحبارهم. وكان عالما أديبا ومرسلا بليغا ضاربا في كل علم وأدب بسهم. وكتب بيده أكثر كتبه مع براعة خطه وحسن وراقته، وحكى انه كتب على كبره كتاب سيبويه كله بقلم واحد ما زال يبريه حتى قصر فأدخله في قلم آخر وكتب به حتى فنى بتمام الكتاب، وله تأليف، منها: لقيط المرجان. وهو أكبر من عيون الأخبار. وكتاب: سراج الهدى في القرآن ومشكله وإعرابه ومعانيه. والمرصعة. والمدبجة. وجال في البلاد شرقا وغربا من خراسان الى الأندلس، وقد ذكر ذلك في اشعار له.
وكان اديب الأخلاق نزيه النفس، كتب لإبراهيم بن أحمد الأغلبي صاحب افريقية، ثم لابنه ابى العباس عبد الله، وكان أيام زيادة الله بن عبد الله آخر ملوك الأغالبة على بيت الحكمة. وتوفى بالقيروان سنة ثمان وتسعين ومائتين في أول ولاية عبيد الله الشيعي- وهو ابن خمس وسبعين سنة. خبره مختصر من تاريخ أبى إسحاق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرفيق، وفيه عن غيره، وذكره سكن بن إبراهيم الأندلسى، وقال عريب بن سعيد: توفى يوم الأحد لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى- يعنى من سنة ثمان وتسعين [ومائتين] ، ودفن بباب سلم.
قال وكان أديبا مرسلا شاعرا حسن التأليف وقدم الأندلس على الإمام محمد بن عبد الرحمن- وذكر له معه قصة قد كتبتها في تأليفي المترجم بإفادة الوفادة- وحكى ان له مسندا في الحديث وكتابا في القرآن سماه سراج الهدى، والرسالة الوحيدة، والمؤنسة، وقطب الأدب، ولقيط المرجان، وغير ذلك من الأوضاع قال وكتب لبني الأغلب حتى انصرمت أيامهم ثم كتب لعبيد الله حتى مات (يعنى حتى مات صاحب الترجمة في جمادى الأولى سنة 298 كما مر، فأما عبيد الله الشيعي فإنما بويع له في القيروان سنة 297 وعاش الى سنة 322، فكان كان صاحب الترجمة كتب