وكان من أصحاب مسلم بن الحجاج، ورحل إلى العراق سنة إحدى وعشرين فسمع أبا عبد الله بن مخلد وطبقته، ثم خرج إلى الشام وكتب عن أصحاب هشام بن عمار وأقرانهم، ثم دخل مصر وأكثر المقام بها وسمع أصحاب المزني، وصنف المسند الكبير في ألف وثلاثمائة جزء مهذبا بالعلل [1] ، وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد، وكان يحفظ حديث الزهري مثل الماء، وصنف المغازي والقبائل وكان عارفا لها، وصنف أكثر المشايخ والأبواب، وخرّج على كتاب البخاري، ومسلم في الصحيح، ولم يبلغ رحمه الله وقت الحاجة إليه، نظرت أنا له في الزهري وفي الفوائد مقدار مائة وخمسين جزءا من المسند، وأدركته المنية قبل الحاجة إلى إسناده، وتوفى في رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة، وشهدت جنازته، وصلى عليه الفقيه أبو الحسن الماسرجسي ابن أخته [2] ، ودفن في داره وهو ابن ثمان وستين سنة، فان مولده كان سنة ثمان وتسعين ومائتين، ودفن علم كبير بدفنه ووالده أبو أحمد محمد بن أحمد بن محمد ابن الحسين الماسرجسي [3] ، هو ابن أبى العباس، سمع محمد بن يحيى الذهلي واحمد بن يوسف السلمي ومسلم بن الحجاج القشيري، روى عنه ابنه أبو على الحسين بن محمد الحافظ وابن أخيه أبو نصر، وحدث بكتاب جلود السباع لمسلم بن الحجاج في خمسة أجزاء، وليس لمسلم بن الحجاج بعد الصحيح كتاب أحسن منه، ومات أبو أحمد في شهر ربيع الآخر [1] من م، وفي الأصل «مهديا بالعدل» . [2] م: «أخيه» . [3] وقد مضى اختلاف النسب في ترجمتى ابنيه- والله أعلم.