نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 7 صفحه : 207
والمدرسة التي بمصر المعروفة بزين التجار وقفاً على الشافعية ووقفها جيد أيضاً، وبنى بالقاهرة داخل القصر مارستانا، وله وقف جيد، وله بالقدس مدرسة أيضاً، وقفها كثير، وخانقاه بها أيضاً، وله بمصر مدرسة للمالكية.
ولقد فكرت في نفسي في أمور هذا الرجل وقلت: إنه سعيد في الدنيا والآخرة، فإنه فعل في الدنيا هذه الأفعال المشهورة من الفتوحات الكبيرة وغيرها، ورتب هذه الأوقاف العظيمة، وليس فيها شيء منسوباً إليه في الظاهر، فإن المدرسة التي في القرافة ما يسميها الناس إلا بالشافعي، والمجاورة للمشهد لا يقولون إلا المشهد، والخانقاه لا يقولون إلا خانقاه سعيد السعداء، والمدرسة الحنفية لا يقولون أيضاً إلا مدرسة السيوفية، والتي بمصر لا يقولون إلا مدرسة زين التجار، والتي بمصر مدرسة المالكية، وهذه صدقة السر على الحقيقة. والعجب أن له بدمشق في جوار البيمارستان النوري مدرسة يقال لها الصلاحية فهي منسوبة إليه وليس لها وقف، وله بها مدرسة للمالكية أيضاً ولا تعرف به، وهذه النعم من ألطاف الله تعالى به.
وكان، مع هذه المملكة المتسعة والسلطنة العظيمة، كثير التواضع واللطف قريباً من الناس رحيم القلب كثير الاحتمال والمداراة، وكان يحب العلماء وأهل الخير ويقربهم ويحسن إليهم، وكان يميل إلى الفضائل، ويستحسن الأشعار الجيدة، ويرددها في مجالسه، حتى قيل إنه كان كثيراً ما ينشد قول أبي منصور محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن إسحاق الحميري، وقيل إنها لأبي محمد أحمد بن علي بن خيران العامري، وكان أميراً بالمرية من بلاد الأندلس، وكان جده خيران من سبي المنصور بن أبي عامر فنسب إليه، والله أعلم، وهي هذه:
وزارني طيف من أهوى على حذر ... من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا
فكدت أوقظ من حولي به فرحاً ... وكاد يهتك ستر الحب بي شغفا
ثم انتبهت وآمالي تخيل لي ... نيل المنى فاستحالت غبطتي أسفا وقيل إنه كان أيضاً يعجبه قول نشؤ الملك أبي الحسن علي بن مفرج
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 7 صفحه : 207