responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان    جلد : 7  صفحه : 198
مع ولده الملك الأفضل في أمرها أيضاً ثم قال: لأن أفقد ولدي جميعهم أحب إلي من أن أهدم منها حجراً، ولكن إذا قضى الله تعالى ذلك وكان فيه مصلحة للمسلمين فما الحيلة في ذلك قال: ولما اتفق الرأي على إخرابها أوقع الله تعالى في نفسه ذلك، وان المصلحة فيه، لعجز المسلمين عن حفظها. وشرع في إخرابها سحرة يوم الخميس التاسع عشر من شعبان من السنة، وقسم السور على الناس، وجعل لكل أمير وطائفة من العسكر بدنةً معلومة وبرجاً معيناً يخربونه، ودخل الناس البلد ووقع فيهم الضجيج والبكاء، وكان بلداً خفيفاً على القلب محكم الأسوار عظيم البناء، مرغوباً في سكنه، فلحق الناس على خرابه حزن عظيم، وعظم عويل أهل البلد عليه لفراق أوطانهم، وشرعوا في بيع ما لا يقدرون على حمله، فباعوا ما يساوي عشرة دراهم بدرهم واحد وباعوا اثني عشر طير دجاج بدرهم واحد، واختبط البلد، وخرج الناس بأهلهم وأولادهم إلى المخيم وتشتتوا، فذهب قوم منهم إلى مصر وقوم إلى الشام، وجرت عليهم أمور عظيمة، واجتهد السلطان وأولاده في خراب البلد كي لا يسمع العدو فيسرع إليه ولا يمكن من إخرابه، وبات الناس على أصعب حال وأشد تعب مما قاسوه في خرابها. وفي تلك الليلة وصل من جانب الملك العادل من أخبر أن الفرنج تحدثوا معه في الصلح وطلبوا جميع البلاد الساحلية، فرأى السلطان أن ذلك مصلحة لما علم من نفس الناس من الضجر من القتال وكثرة ما عليهم من الديون، وكتب إليه يأذن له في ذلك، وفوض الأمر إلى رأيه، وأصبح يوم الجمعة العشرين من شعبان وهو مصرٌّ على الخراب، واستعمل الناس عليه وحثهم على العجلة فيه، وأباحهم ما في الهري الذي كان مدخراً للميرة [1] خوفاً من هجوم الفرنج والعجز عن نقله. وأمر بإحراق البلد فأضرمت النيران في بيوته. وكان سورها عظيماً، ولم يزل الخراب يعمل في البلد إلى سلخ شعبان من السنة، وأصبح يوم الإثنين مستهل شهر رمضان أمر ولده الملك الأفضل أن يباشر ذلك بنفسه وخواصه، ولقد رأيته يحمل الخشب بنفسه لأجل الإحراق.

[1] المختار: للميرة مدخراً.
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان    جلد : 7  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست