نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 6 صفحه : 28
شديداً، وكان الطبيب يختلف إليه ويداويه، فوصف له يوماً مزورة [1] ، ولم يكن عنده من يخدمه سوى غلامه، فقال للغلام: اصنع هذه المزورة، وكان رؤساء البلد عنده حاضراً، وقد جاء يعوده، فقال ذاك الرئيس: هذا الغلام ما يحسن طبخها، وعندي طباخ من صفته وصفته، وبالغ في حسن صنعته، فترك الغلام عملها اعتماداً على ذلك الرئيس وقعد البحتري ينتظرها، واشتعل الرئيس عنها ونسي أمرها، فلما أبطأت عنه وفات وقت وصولها إليه، كتب إلى الرئيس:
وجدت وعدك زوراً في مزورة ... حلفت مجتهداً إحكام طاهيها
فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها ... ولا علت كف ملق كفه فيها
فاحبس رسولك عني أن يجيء بها ... فقد حبست رسولي عن تقاضيها وأخباره ومحاسنه كثيرة فلا حاجة إلى الإطالة. ولم يزل شعره غير مرتب حتى جمعه أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف، وجمعه أيضاً علي بن حمزة الأصبهاني، ولم يرتبه على الحروف بل على الأنواع كما صنع بشعر أبي تمام.
وللبحتري أيضاً كتاب " حماسة " على مثال " حماسة أبي تمام " وله كتاب " معاني الشعر ": وكانت ولادته سنة ست وقيل خمس ومائتين، وتوفي سنة أربع وثمانين وقيل خمس وثمانين وقيل ثلاث وثمانين ومائتين، والأول أصح والله أعلم. وقال ابن الجوزي في كتاب " أعمار الأعيان ": توفي البحتري وهو ابن ثمانين سنة، والله أعلم بالصواب، وكان موته بمنبج، وقيل بحلب، والأول أصح.
وقال الخطيب في " تاريخ بغداد " [2] : إنه كان يكنى أبا الحسن وأبا عبادة، فأشير عليه في أيام المتوكل أن يقتصر على أبي عبادة فإنها أشهر، ففعل. [1] المزورة: نوع من الحساء يصنع للمريض. [2] تاريخ بغداد 13: 447.
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 6 صفحه : 28