نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 5 صفحه : 412
ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون فتبطل أيمانهم، فضحك المنصور وقال: يا ربيع، لا تتعرض لأبي حنيفة، فلما خرج أبو حنيفة قال له الربيع: أردت أن تشيط بدمي، قال: لا، ولكنك أردت أن تشيط بدمي فخلصتك وخلصت نفسي.
وكان أبو العباس [1] الطوسي سيء الرأي في أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فدخل أبو حنيفة على المنصور، وكثر الناس، فقال الطوسي: اليوم أقتل أبا حنيفة، فأقبل عليه فقال: يا أبا حنيفة، إن أمير المؤمنين يدعو الرجل فيأمره بضرب عنق الرجل لا يدري ما هو، أيسعه أن يضرب عنقه فقال: يا أبا العباس أمير المؤمنين يأمر بالحق أم الباطل فقال: بالحق، قال: أنقذ الحق حيث كان ولا تسأل عنه؛ ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقني [2] فربطته.
وقال يزيد بن الكميت [3] : كان أبو حنيفة شديد الخوف من الله تعالى، فقرأ بنا علي بن الحسن [4] المؤذن ليلة العشاء الأخيرة سورة " إذا زلزلت " وأبو حنيفة خلفه، فلما قضى الصلاة وخرج الناس نظرت إلى أبي حنيفة وهو جالس يتفكر ويتنفس، فقلت: أقوم لا يشتغل قلبه بي، فلما خرجت تركت القنديل ولم يكن فيه إلا زيت قليل، فجئت وقد طلع الفجر وهو قائم وقد أخذ بلحية نفسه، وهو يقول: يا من يجزي بمثقال ذرة خيرً خيراً، ويا من يجزي بمثقال ذرة شر شراً، أجر النعمان عبدك من النار، ومما يقرب منها من السوء، وأدخله في سعة رحمتك، قال: فأذنت [5] وإذا القنديل يزهر وهو قائم، فلما دخلت قال لي: تريد أن تأخذ القنديل، قلت: قد أذنت لصلاة الغداة، فقال: اكتم علي ما رأيت، وركع ركعتين وجلس حتى أقمت الصلاة وصلى معنا الغداة على وضوء أول الليل. [1] المصدر السابق نفسه. [2] ن ص: يوبقتي. [3] تاريخ بغداد: 357. [4] ع ر ن ق: الحسن. [5] ر: فدنوت.
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 5 صفحه : 412