نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 5 صفحه : 325
الباقين، فتحير في أمره، وأحضر ابنته المذكورة، وكانت الحكمة مركبة في طباع القوم ذكورهم وإناثهم [1] - ولذلك قيل إن الحكمة نزلت من السماء على ثلاثة أعضاء من أهل الأرض: على أدمغة اليونان وأيدي أهل الصين وألسنة العرب - فلما حضرت بين يديه قال لها: يا ينية، وإني قد أصبحت في حيرة من أمري، قالت: وما حيرك قال: قد خطبك جميع ملوك الأندلس، ومتى أرضيت واحداً أسخطت الباقين، فقالت: اجعل الأمر إلي تخلص من اللوم، قال: وما تصنعين قالت: أقترح لنفسي أمراً من فعله كنت زوجته، ومن عجز عنه لم يحسن به السخط قال: وما الذي تقترحين قالت: أقترح أن يكون ملكاً حكيماً، قال: نعم ما اخترتيه [2] لنفسك، وكتب في أجوبة الملوك الخطاب: إني جعلت الأمر إليها فاختارت من الأزواج الملك الحكيم. فلما وقفوا على الأجوبة سكت عنها كل من لم يكن حكيماً.
وكان في الملوك رجلان حكيمان، فكتب كل واحد منهما إليه: أنا الرجل الحكيم. فلما وقف على كتابيهما قال: يا بنية بقي الأمر على إشكاله، وهذان ملكان حكيمان، أيهما أرضيته أسخطت الأخر قالت: سأقترح على كل واحد منهما أمراً يأتي به، فأيهما سبق إلى الفراغ مما التمسته تزوجت به، قال: وما الذي تقترحين عليهما قالت: إننا ساكنون بهذه الجزيرة، ونحن محتاجون إلى رحى تدور بها، وإني مقترحة على أحدهما إدارتها بالماء العذب الجاري إليها من ذلك البر، ومقترحة على الآخر أن يتخذ طلسماً يحصن [3] به جزيرة الأندلس من البربر، فاستظرف أبوها اقتراحها، وكتب إلى الملكين بما قالته ابنته، فأجابا إلى ذلك، وتقاسماه على ما اختارا، وشرع كل واحد في عمل ما ندب [4] إليه من ذلك.
فأما صاحب الرحى فإنه عمد إلى خرز عظام اتخذها من الحجارة، ونضد [1] ن ق: ذكرهم وأنثاهم. [2] ر: اقترحتيه. [3] ر: نحصن؛ ق؛ لتحصين. [4] ندب: سقطت من: ق ص ن؛ النفح: أسند.
نام کتاب : وفيات الأعيان نویسنده : ابن خلكان جلد : 5 صفحه : 325