ساعدهم، والله حسيبهم وتجلوا معهم إلى أن جاءهم خرشد فزاع ونزل فيصل الدلم، وشير عليه أنه ما يقعد فيه، ويتحصن بمن معه من المسلمين في بعض الشعاب التي بين الحوطة ونعام، ويجعل ثقلته وراه، فإن حصل منهم ممشى جاهدهم بأهل القريا ولا أراد الله أنه يفعل فلما تمكنوا من فيصل وأخذوه أرسلوه إلى مصر صار عسكرهم في ذهاب وعذاب، وفساد، فأوقع الله الحرب بين السلطان ومحمد علي ورد الله الكرة لأهل نجد فرجعوا كما كانوا أولاً على ما كانوا عليه قبل حرب هالدولة، كما قال تعالى في بني إسرائيل: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً *إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ، نسأل الله أن يمن بالإحسان وينفي عنا أسباب التغيير إنه ولينا وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والمقصود بما ذكرنا الاعتبار بأن الله حفظ هذا الدين ومن تمسك به، وأيدهم بالنصر على ضعفهم وقلتهم، وأوقع بأسه بهذه الدول على قوتهم وكثرتهم، وأسباب كيدهم، ثم إن الله تعالى أهلك تلك الدول بما أجرى عليهم من حرب النصارى في بلاد الروم، فكل دولة مشت على نجد والحجاز لم يبق منهم اليوم عين تطرف، وكانوا لا يحصي عددهم إلا الله، فهلكوا في حرب النصارى، فصارت العاقبة والظهور لمن جاهدهم في الله من الموحدين، فجمع الله لهم بعد تلك الحوادث العظيمة من النعم والعز والنصر ما لا يخطر بالبال، ولا يدور في الخيال.
فلا يشك في هذا الدين بعد ما جرى ممن ذكرناه إلا من أعمى الله بصيرته، وجعل على قلوبهم أكنة عن فهم أدلة الكتاب والسنة، ولم يعتبروا بما جرى لهذا الدين من ابتدائه إلى يومنا هذا، وكل من ذكرنا من الدول والبادي والحاضر رام إطفاءه وكلما أرادوا إطفاءه استضاءت أنواره وعز أنصاره فلله الحمد لا نحصي ثناء عليه، فهذا ما جرى