responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تاريخ دمشق نویسنده : ابن منظور    جلد : 17  صفحه : 251
فالبدار البدار، والحذار الحذار من الدنيا ومكائدها، وما نضبت لك من مصائدها، وتحلت لك من زينتها، وأظهرت لك من بهجتها.
وفي دون ما عنيت من فجعاتها ... إلى رفضها داعٍ، وبالزّهد آمر
فجدّ ولا تغفل فعيشك زائلٌ ... وأنت إلى دار الإقامة صائر
ولا تطلب الدنيا فإن طلابها ... وإن نلت منها غبّةً لك صائر
وهل يحرص عليها لبيب؟ أو يسر بها أريب؟ وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها؟ أم كيف تنام عينا من يخشى البيات؟ وتسكن نفس من يتوقع الممات؟
ألا لا ولكنا نغرّ نفوسنا ... وتشغلنا اللذّات عما نحاذر
وكيف يلذّ العيش من هو موقنٌ ... بموقف عدلٍ يوم تبلى السرائر
كأنّا نرى أن لا نشور أو أنّنا ... سدىً مال لنا بعد الممات مصائر
وما عسى أن ينال صاحب الدنيا من لذتها، ويتمتع به من بهجتها، مع صنوف عجائبها، وكثرة تعبه في طلبها، وما يكابد من أسقامها وأوصابها وآلامها؟
وما قد ترى في كل يوم وليلة ... يروح علينا صرفها ويباكر
تعاورنا آفاتها وهمومها ... وكم قد ترى يبقى لها المتعاور
فلا هو مغبوطٌ بدنياه آمنٌ ... ولا هو عن بطلانها النفس قاصر
كم قد غرت الدنيا من مخلد إليها، وصرعت من مكب عليها، فلم تنعشه من غرته، ولم تقمه من صرعته، ولم تشفه من ألمه، ولم تبره من سقمه؟
بلى أوردته بعد عزٍّ ومنعةٍ ... موارد سوءٍ ما لهنّ مصادر
فلمّا رأى أن لا نجاة وأنه ... هو الموت لا ينجيه منه التّحاذر
تندّم إذ لم تغن عنه ندامة ... عليه وأبكته الذنوب الكبائر
بكى على ما سلف من خطاياه ... وتحسّر على ما خلف من دنياه
حين لا ينفعه الاستعبار، ولا ينجيه الاعتذار، عند هول المنية، ونزول البلية.

نام کتاب : مختصر تاريخ دمشق نویسنده : ابن منظور    جلد : 17  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست