وأخبرني والدي أنه كان متكلما عليها الشيخ شهاب الدين أحمد بن المرحل شيخه.
وكان إذا خرج لقسم نواحيها يركب حمارة الفلاح لئلا يثقل على الفلاح كلفة دابة أخرى.
ويطلب من الفلاح رغيفا وبيضا ليس إلا.
ولما توفي واقفها وجد في جيبه رقعة مكتوب فيها:
أعليّ في حب الديار ملام ... أم هل تذكرها عليّ حرام
أم هل أذم إذا ذكرت معاهدا ... فارقتها ولها عليّ ذمام
دار الأحبة والهوى وشبيبة ... ذهبت وجيران عليّ كرام
فارقتهم فارقت من وجدي بهم ... أفعل لهم أو للكرى المام
كانوا حياتي فابتليت بفقدهم ... فعلى الحياة تحية وسلام
(85 و) ف وهي من أبيات لشهاب الدين أبي الثناء محمود بن سليمان الحلبي.
وفي ابن الصاحب يقول جمال الدين محمد بن نباته:
إليك أخا العليا والناس والندى ... سرى أمل فيه ثنا وثواب
فلا ذم دينا من رأى منك أحمد ... ولا أظلمت حال وأنت شهاب
ولا برحت خدام وصفك ما على ... محاسنها للواصفين حجاب
لعرضك يمن والمقاصد مرشد ... وسعدك نجح والمقال صواب
انتهى.
[ناصر الدين محمد بن الصاحب] :
وكان له أخ وهو الرئيس ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن الصاحب شرف الدين أبي محمد يعقوب ماجد عز نصره. وقر بالعلم ناضره. كان كاتبا مجيدا، سديدا سعيدا قرأ الفقه والعربية، ومهر في الفنون الأديبة. وارتفع مكانه. وساعده زمانه ولي كتابة السر بحلب ودمشق ثلاثا وعشرين سنة، والتدريس بهما.
وتوفي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بدمشق عن سبع وخمسين سنة.