الخروج عن الطاعة عند موت الأشرف فخاف أن يهدمها أهل القلعة وجعل عمالتها للريس ضياء الدين بن النصيبي لأنه هو الذي تولى عمارتها وكان صديقا له. انتهى.
[تغري ورمش]
واعلم أن تغري ورمش «1» المذكور كان في خدمة الأشرف برسباي وكان الأشرف يعتمد عليه في أموره، ويشاوره، ويعظمه لعقله ودهائه ومكره، فإنه كان ذا رأي سديد، ولما نزل الأشرف إلى آق بسبب الأمير عثمان سلم إليه تخت مصر فأشار على الأشرف أن لا يجاوز البيرة، وأن يرسل جيوشه لمحاصرة آق فلم يعمل الأشرف برأيه فما نجح أمره- كما تقدم في ترجمة الأشرف- ثم لما رجع الأشرف إلى القاهرة لم يبرح تغري برمش «2» من قلعة الجبل، ولم ينزل إلى العقبة بل لما شاهد الأشرف قد أشرف عليه نزل عن مكانه وقال: هذا المكان الذي سلمته إلى فزادت محبة الأشرف له، وفوض إليه كفالة حلب ليطالعه بأخبار التتار عوضا عن انيال الجكمي. فدخل تغري برمش حلب وخرج القضاة إلى لقيه على عادتهم وكان شيخنا المؤرخ يعرفه قديما من مدينة بهسنا «3» لأن شيخنا كان حاكما بها، وكان والد تغرى برمش صديقا لشيخنا يستدعيه إلى بستانه مع ولده تغري برمش المذكور فلما التقيا تغافل كل منهما عن معرفة الآخر. وقال الكافل للقضاة إلى هنا تلقوني على طريق العتب. فقال القاضي الحنفي له: خالكم نور الدين محمود أخبرنا أنكم تتأخرون عن هذا الوقت فأنف من ذكر خاله وقال: اليوم يوم بارد فأحجم الحنفي عن مكالمته.