وفي بعض التواريخ في هذه السنة سارت الفرنج إلى حلب ففتحوها عنوة وملكوها فسار إليهم صاحبها صاحب ماردين أي: الغازي في جيش كثيف فهزمهم عنها ولحقهم إلى جبل قد تحصنوا به فقتل منهم مقتلة عظيمة. ولم يفلت منهم إلا القليل. انتهى.
وفي سنة ثمان عشرة وخمسمائة: ذكر ابن العديم والمؤيد «1» أن الفرنج نزلوا حلب ومعهم دبيس بن صدقة «2» وسلطان شاه بن رضوان وحاصروها. وقلّت أرزاقهم واجتمع رأيهم على أن يسيّروا القاضي أبا غانم ابن جرادة.
والشريف زهره. وابن الجلي إلى حسام الدين بن تمرتاش إلى ماردين فأخرجوهم ليلا.
فوصلوا إلى ماردين وذكروا له ما حلّ بأهل حلب وما هم فيه من الحصار والصبر فقال:
خلوهم إذا أخذوا حلب عدت أخذتها.
فأعمل الجماعة الحيلة على أن يمضوا إلى آق سنقر السيوفي إلى الموصل فأمر بالتوكيل عليهم فأعملوا الحيلة وخرجوا وجاؤوا إلى الموصل فوجدوا آق سنقر مريضا قد أشفي. وهو يسقى مرقة الفروج المدقوق فأعلم مجيئهم فدخلوا عليه، وقالوا: أغث المسلمين. فقال: وكيف بالوصول إلى ذلك وأنا على ما ترون. فقالوا له: اجعل على نفسك إن خلصت أن تنصر الإسلام. فقال: أي والله. ثم رفع رأسه إلى السماء وأشهد الله عليه بذلك.
فما استتم ثلاثة أيام حتى أكل الفروج ونادى في العسكر الغزاة فبرز الناس وعملوا أشغالهم، وتوجه حتى أتى إلى حلب فلما قاربها رحل الفرنج ونزلوا على جبل جوشن وأبعدوا عن المدينة فلما وصل ساق وعسكر خلفهم مع أهل البلد فانهزموا بين يديه.