رجع: العباس بن الخليفة المأمون كان مع أبيه حين قدم حلب. وولاه الثغور والعواصم في سنة ثلاث عشرة ومائتين وأمر له بخمسمائة ألف دينار «1» ، وضم إليه في سنة أربع عشرة ومائتين أعمالا أخرى من كور دجلة.
ثم عزله المأمون عن سائر هذه البلاد في سنة أربع عشرة ومائتين. وقيل في سنة خمس عشرة وولاها اسحاق بن إبراهيم بن مصعب. ثم عزله في هذه السنة «2» وأعاد ابنه العباس إليها ثانية في سنة أربع عشر ومائتين إلى أن توفي المأمون. فكان الولاة من قبل العباس.
ولما ولي المعتصم الخلافة وغزا الروم وعبر حلب في سنة ثلاث وعشرين ومائتين عاث العباس بن المأمون فقبض عليه، وقتله ودفنه بمنبج وهو عابر في الغزاة «3» . وفي تاريخ الخوارزمي ونعى اسحاق بن إبراهيم العباس بن المأمون إلى الناس وذكر أنه مات بجسر منبج يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة في السنة المذكورة «4» .
ولمات مات المأمون سعت الجند وطلبوا العباس ونادوه باسم الخلافة، فأرسل المعتصم إليه، فأحضره، وبايعه، وخرج العباس إلى الناس وقال لهم: ما هذا الحب البارد قد بايعت عمي. فسكنوا. وعاد المعتصم إلى بغداد والعباس معه «5» .
فلما توجه المعتصم إلى الغزاة ومر بحلب في سنة ثلاث وعشرين ومائتين ودخل إلى بلاد الروم اجتمع بعض الجند بالعباس ووبخوه على ما فعل من إعطاء المعتصم الخلافة وحسن له مدارك الأمر. فاستمال جماعة من القواد. وعزموا أن يقبضوا على المعتصم وهو داخل إلى الفرات. فلم يمكنهم العباس، وقال: لا أفسد على الناس عزائمهم «6» .