أن يطل بعدك ليلي فلكم ... بت أشكو قصر الليل معك
وأخبرني الوزير الفقيه أبو الحسين ابن سراج رحمه الله أنه في وقت فراره أضحى، غداة الأضحى، وقد ثار له الوجد بمن كان يألفه والغرام، وتراءت لعينه تلك الظباء الأوانس والأرام، وقد كان الفطر وافاه، والشقاء قد استولى على رسم عافيته حتى عفاه، فلما عاده منه ما عاد، وأعياه ذلك النكد المعاد، استراح إلى ذكر عهده الحسن، وأراح جفونه المسهدة بتوهم ذلك الوسن، وذكر معاهد كان يخرج إليها في العيد، ويتفرج بها مع أولئك الغيد، فقال: طويل
خليليّ لا فطر يسر ولا أضحى ... فما حال من أمسى مشوقا كما أضحى
لئن شاقني شرق العقاب فلم أزل ... أخص بمخصوص الهوى ذلك السفحا
وما أنفك جوفي الرصافة مشعري ... دواعي بث تعقب الأسف البرحا
ويهتاج قصر الفارسي صبابة ... بقلبي لا يألو زناد الهوى قدحا
وليس ذميما عهد مجلس ناصح ... فاقبل في فرط الولوع به نصحا
كأنني لم أشهد لدى عين شهدة ... نزال عتاب كان أخره الفتحا
وقائع جانيها التجني فإن مشى ... سفير خضوع بيننا أكد الصلحا
وأيّام وصل بالعقيق اقتضيته ... فألا يكن ميعاده العيد فالفصحا
وآصال لهو في مسناة مالك ... معاطاة ندمان إذا شيت أو سبحا
لدى راكد تصبيك من صفحاته ... قوارير خضر خلتها مردّت صرحا
معاهد لذات وأوطان صبوة ... أجلت المعلى في الأماني بها قدحا
ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح ... نقضت مبانيها مدامعه نزحا
مقاصير ملك أشرقت جنباتها ... فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحا
يمثل قرطيها لي الوهم لي جهرة ... فقبتها فالكوكب الرحب فالسطحا
محل ارتياح يذكر الخلد طيبه ... إذا عزان يصدى الفتى فيه أو يصحا
هناك الحمام الزرق تندا خفافها ... ظلال عهدت الدهر فيها فتى سمحا
تعوضت من شدو القيان خلالها ... صدى فلوات قد أطار الكرى صبحا
ومن جلي الكاس المفدى مديرها ... تقحم الأهواء جلت لها الرمحا
أجل إن ليلي فوق شاطئ نيطة ... لأقصر من ليلي بئانة والبطحا
وهذه معاهد لبني أمية قطعت بها ليالي وأياما، وظلت فيها الحوادث عنهم نياما،