أعجب بمنظر ليلة ليلاء ... تُجنى بها اللذات فوق الماء
في زورق يزهى بغرة أغيد ... يختال مثل البانة الغيناء
قرنت يداه الشمعتين بوجهه ... كالبدر بين النسر والجوزاء
والتاج تحت الماء ضوء منهما ... كالبرق يخفق في غمام سماء
وساير الوزير الأستاذ أبا بكر بن القبطرنة وهو غلام يحار مجتليه، ويغار غصن البان من نثنيه، وقد وضع يمناه في شماله، وتضوع عرف أماله، والناس ينظرون هلال شوال، فقال: [خفيف]
يا هلال أستتر بوجهك عنا ... إن مولاك قابض بشمالي
هبك تحكي سناة خدا بخد ... قم فجئني لقده بمثالِ
وله من قصيدة هو فريد: [بسيط]
بيني وبين الليالي همة جلل ... لو نالها البدر لاستحذى له زُحلُ
سرابُ كل بيات عندها شنب ... وهول كل ظلام عندها كحلُ
من أين أبخس لا في ساعدي قصرُ ... عن المعالي ولا في مقولي خطلُ
ذنبي إلى الدهر فلتكره سجيته ... ذنب الحسام إذا ما أحجم البطلُ
ومن هذه لقصيدة وهو بديع في بابه: [بسيط]
جيش فوارسه بيض كأنصله ... وخيله كالقنا عسالة ذبلُ
أشباه ما اعتقلوه من ذوابلهم ... فالحرب جاهلة من منهم الأسلُ
يمشي على الأرض منهم كل ذي مرح ... كأنما التيه في أعطافه كسلُ
ودخل المرية وقد أحرج المعتمد على الله وأضجره حتى أبعده وهجره فلما كان يوم العيد وحضر المعتصم شعراؤه، واجتمع كتابه ووزراؤه، بعث في عبد الجليل فتأخر، وزرى بالحال وسخر، وقال أبعد المعتمد أحضر منتدى واستمطر جودا أو ندى، وهل تروق الأعياد إلا في فنائه، أو تحسن الأمداح لا في سنائه، ثم قال: [طويل]
دنا العيد لو تدنو لنا كعبة المنى ... وركن المعالي من ذوابة يعربِ
فوا أسفا للشعر ترمى جماره ... ويا بعد ما بيني وبين المخصّبِ
وكان كلفا بالغلمان، مكسفا بين الخوف والأمان، فإن الانفراد بهم كان