ويا رب رأس لا تزاور بينه ... وبين أخير والمزار قريبُ
أناف به صلد الصفا فهو منبر ... وقام على أعلاه وهو خطيبُ
فقال عبد الجليل مسرعاً: [طويل]
يقول حذار الاغترار فطالما ... أناخ قتيل بي ومر سليبُ
وينشد كلانا غربيان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسبُ
فإن لم يزره صاحب أو خليله ... فقد زاره نسر هناك وذيبُ
فما تم قوله حتى لاح قتام، كأنه أغنام، فانقشع عن سربة خيل، كقطع إليل، فما انجلت إلا عبد الجليل قتيل وابن خفاجة سليب وهذا من أغرب تقول، واصدق تقول، وبلغمني ذكرته في هذا الكتاب بقبيح، وأتيت في وصف أيام فتوته بتندير وتمليح، فكتب إلي يعاتبني، [كامل]
خذها يرن بها الجواد سهيلا ... وتسيل ماء في الحسام صقيلا
بسامة تسبي الحليم وسامة ... لولا المشيب لسمتها تقبيلا
حملتها شوقاً إليك تحية ... حملتها عتباً إليك ثقيلا
من كل بيت لو تدفق طبعه ... ماء لغص به الفضاء مسيلا
أيه وما بين الجوانح قلة ... لو كنت أنفع بالعتاب عليلا
ما للصديق وقيت تأكل لحمه ... حيا وتجعل عرضه منديلا
أقبلته صدر الحسام وطالما ... أضفيته درعاً عليه طويلا
ماذا ثناك عن الثناء ونشره ... بردا على الرسم الجميل جميلا
أرجاكما عثر النسيم بروضة ... رطباً كما نضح الغمام مقيلا
أعد التفاتك واذكرنها خلة ... لا تستقل به علاك مميلا
واصح إلى سجع القريض فربما ... ندب القريض من الوفاء هديلا
وعج المطي على الوداد وحيه ... طللا على حكم الزمان محيلا
وأبعث بطيفك واعتقدها زورة ... وصل السلام على النوى تعليلا
ولئن سألت بك الغمامة وأبلا ... يسم الجديب لما سالت بخيلا
وإذا دعبت ولا دعابة غيبة ... فاغضض هناك من العنان قليلا
واصحب وكرك من هجير لافح ... ذكرا كما سرت القبول بليلا
فلقد حللت مع الشباب بمنزل ... يرتد طرف النجم عند كليلا