وأوجبت له من اللوم ما شاءه النقص وشاءت ولولاها امتطى الأفلاك، واستخفض الغفر والسماك، وقد أثبت من نظمه ونثره نبذا تدير عليها الحميا، وتتنسم لها عرفا وريا، فمن ذلك رسالة كتب بها إلى الوزير أبي محمد عبد الحق بن عطية وفقه الله وهي، أطال الله بقاءك يا سيدي الأعلى، وذخرى الأغلى، وواحد أعلاقي الأسمى، ومنحة الله العظمى، مخدوما بأيدي الأقدار، معصوما من عوادي الليل والنهار، مكتنفا من لطائف الله الخفية وعوارف صنائعه الحفية، بما يدفع عن حوزتك نوائب الخطوب، ويصنع لك في طيي المكروه نهاية المحبوب، لله تعالى أقدار لا تتجاوز مداها، وأحكام لا تخطى مرميها ولا تتخطاها، وآثار يحلها المرء ويغشاها، ولهذا من كتبت عليه خطا مشاها، غير انه عزك دام قد يخير الله لعبده في الأمر المكروه، ويلبسه في أثناء المحنة ثوبا من المنحة لا يسروه، فمن الحزامة لمن تحقق بالأيام ومعرفتها، وعلم صروف الليالي بكنه صفتها، أن يضحى عن الخطب شهما يواثبه، ولا يتوقى ظهر ما هو راكبه، غذ لا محالة أن العيش ألوان، وحرب الزمان عوان، وحتم أن يستشعر الصبر والجلد من يناوي الرجال، ويقري في نفسه أن الأيام دول وأن الحرب سجال، ويعتقد أن ما يعرضه في خلال النضال، من وخز الكفاح، ويعترضه بمجال الرجال، من خفز الرماح، غمار تقلع وغبار يقشع، لا سيما إذا كان الذي أصابه جرحا أشواه وسهم غرب حاب عن المقتل غلى سواه ثم أجلت الحرب عن قرنه ترت الجبين، شرقا بدم الوتين، فقد أربت لذة غلبه، وفرحة منقلة، على ما غاله من وصبه، وناله من تجشم نصبه، وأراح بعزة الظفر، وبلوغ الأمل وقضاء الوطر، ولم أزل أدام الله عافيتك أرتاع لفرقك، بتذكرك واشتياقك، وأتعلل منك بالمنى وأعول فيك على التسليم لمنافذ المنى، وأرجع على ترداد لعل وعسى، ومواصلة تجرع الكمد لانتزاحك والأسى، والأشفاق يفور بي وينجد، والتجلد يعين على مضض بعدك وينجد والتجلد يصور لي الأمل، ويثني الرجاء المعتل، إلى أن انتظر أن شاء الله في جانبك الصنع الجميل واثق لك منه عز وجهه باللطف الخفي، والفتح الجلي، وأتيقن لك بعادة الله السنية، وعارفته السالفة الهنية، وكونك قمر سنا، وهضبة سرو وسنا، انك لن تعدم حيث كنت مسرة، ولا تفقد بكل قطر تحلة تكرمة ومبرة، وان قدرك معروف بكل مكان، والنفيس نفيس حيثما