responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 227
مُنْذُ زَوَال الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا عشْرين مَجْلِسا
ثمَّ صَار إِلَى الْغُلَام مَعَ طُلُوع الشَّمْس فَذكر أَنه لم يكن مِنْهُ مُنْذُ غرُوب الشَّمْس إِلَى انتصاف اللَّيْل إِلَّا ثَلَاثَة مجَالِس وَلم يكن مِنْهُ إِلَى وَقت طُلُوع الْفجْر شَيْء
فركبت إِلَيْهِ بعد أَن صليت الْغَدَاة فَوَجَدته نَائِما وَكَانَ لَا ينَام فأنتبه لي فَسَأَلته عَن خَبره فَأَعْلمنِي أَنه لم يزل فِي وجع من جَوْفه مَانع لَهُ النّوم والقرار مُنْذُ أَكثر من أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى أَخذ تِلْكَ الشربة
فَلَمَّا انْقَطع فعل الشربة انْقَطع عَنهُ ذَلِك الوجع وَأَنه لم يشته طَعَاما مُنْذُ ذَلِك الْوَقْت وَأَنه مَا يبصرني فِي وقته من غَلَبَة الْجُوع عَلَيْهِ
وَسَأَلَ الْإِذْن فِي الْأكل فَأذن لَهُ يزِيد فِي أكل أسفيدباجه قد طبخت من فروج كسكري سمين ثمَّ اتباعها زيرباجة فَفعل ذَلِك
وصرت إِلَى الرشيد فَأَخْبَرته بِمَا كَانَ من أَمر ثُمَامَة
فأحضر المتطبب وَقَالَ لَهُ وَيحك كَيفَ أقدمت على إسقائه حب الأصطمخيقون فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا رجل كَانَ فِي جَوْفه كيموس فَاسد فَلم يكن يدْخل فِي جَوْفه دَوَاء وَلَا غذَاء إِلَّا أفْسدهُ ذَلِك الكيموس
وَكَانَ كلما فسد من تِلْكَ الْأَدْوِيَة والأغذية صَار مَادَّة لذَلِك الْفساد فَكَانَت الْعلَّة لهَذَا السَّبَب تزداد
فَعلمت أَنه لَا علاج لَهُ إِلَّا بدواء قوي يقوى على قلع ذَلِك الكيموس
وَكَانَ أقوى الْأَشْيَاء الَّتِي يُمكن أَن يسقاها الأصطمخيقون فَقلت لَهُ فِيهِ الَّذِي قلت
وَلم أقدم أَيْضا على القَوْل أَنه يُبرئهُ لَا محَالة وَإِنَّمَا قلت بَقِي شَيْء وَاحِد فَإِن هُوَ لم يَنْفَعهُ فَلَا علاج لَهُ
وَإِنَّمَا قلت ذَلِك لِأَنِّي رَأَيْت الرجل عليلا قد أضعفته الْعلَّة وأذهبت أَكثر قواه
فَلم آمن عَلَيْهِ التّلف أَن شربه وَكنت أَرْجُو لَهُ الْعَافِيَة بشربه إِيَّاه
وَكنت أعلم أَنه إِن لم يشربه أَيْضا تلف
فَاسْتحْسن الرشيد مَا كَانَ من قَوْله وَوَصله بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم
ثمَّ عَاد الرشيد ثُمَامَة وَقَالَ لَهُ لقد أقدمت من شرب ذَلِك الدَّوَاء على أَمر عَظِيم وخاصة إِذْ كَانَ المتطبب لم يُصَرح لَك بِأَن فِي شربه الْعَافِيَة
فَقَالَ ثُمَامَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كنت قد يئست من نَفسِي وَسمعت المتطبب يَقُول إِن شرب هَذَا الدَّوَاء رَجَوْت أَن يَنْفَعهُ فاخترت الْمقَام على الرَّجَاء وَلَو لَحْظَة على الْيَأْس من الْحَيَاة فَشَربته وَكَانَت فِي ذَلِك خيرة من الله عَظِيمَة
أَقُول وَهَذِه الْحِكَايَة تناسب مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جَاءَ إِلَيْهِ رجل من الْعَرَب فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أخي قد غلب عَلَيْهِ الْخَوْف وداويناه وَلم يَنْقَطِع عَنهُ بِشَيْء فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أطْعمهُ عسل النَّحْل)
فراح وأطعمه إِيَّاه فَزَاد الإسهال فَأتى إِلَيْهِ وَقَالَ يَا رَسُول الله كثر الإسهال بِهِ من وَقت أطعمته الْعَسَل فَقَالَ (أطْعمهُ الْعَسَل)
فأطعمه فَزَاد الإسهال أَكثر
فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (أطْعمهُ أَيْضا الْعَسَل)
فأطعمه أَيْضا فِي الْيَوْم الثَّالِث فتقاصر الإسهال وَانْقطع بِالْكُلِّيَّةِ
فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالَ (صدق الله وكذبت بطن أَخِيك)
وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ ذَلِك لكَونه كَانَ قد علم أَن فِي خمل معدة الْمَرِيض رطوبات لزجة غَلِيظَة قد أزلقت معدته فَكلما مر بهَا شَيْء من الْأَدْوِيَة القابضة لم يُؤثر فِيهَا والرطوبات بَاقِيَة على حَالهَا والأطعمة تزلق عَنْهَا فَيبقى الإسهال دَائِما
فَلَمَّا تنَاول الْعَسَل جلا تِلْكَ الرطوبات وأحدرها فَكثر الإسهال أَولا بخروجها وتوالى ذَلِك إِلَى أَن نفدت تِلْكَ الرطوبات بأسرها فَانْقَطع

نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست