responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 196
كثير إِن جِبْرَائِيل أخبرهُ أَنه أنكر من الرشيد قلَّة الرزء للطعام أول الْمحرم سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَأَنه لم يكن يرى فِي مَائه وَلَا فِي مجسة عرقه مَا يدل على عِلّة توجب قلَّة الطَّعَام فَكَانَ يَقُول للرشيد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بدنك صَحِيح سليم بِحَمْد الله من الْعِلَل وَمَا أعرف لتركك اسْتِيفَاء الْغذَاء معنى
فَقَالَ لي لما أكثرت عَلَيْهِ من القَوْل فِي هَذَا الْبَاب قد استوخمت مَدِينَة السَّلَام وَأَنا أكره الاستبعاد عَنْهَا فِي هَذِه الْأَيَّام
أفتعرف مَكَانا بِالْقربِ مِنْهَا صَحِيح الْهَوَاء فَقلت لَهُ الْحيرَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ قد نزلنَا الْحيرَة مرَارًا فأجحفنا بعون الْعَبَّادِيّ فِي نزولنا بَلَده وَهِي أَيْضا بعيدَة
فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فالأنبار طيبَة وظهرها فاصح هَوَاء من الْحيرَة فَخرج إِلَيْهَا فَلم يَزْدَدْ فِي طَعَامه شَيْئا بل نقص وَصَامَ يَوْم الْخَمِيس قبل قَتله جعفرا بيومين وَلَيْلَة
وأحضر جعفرا عشاءه وَكَانَ أَيْضا صَائِما فَلم يصب الرشيد من الطَّعَام كثير شَيْء
فَقَالَ لَهُ جَعْفَر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو استزدت من الطَّعَام فَقَالَ لَو أردْت ذَلِك لقدرت عَلَيْهِ
إِلَّا أَنِّي أَحْبَبْت أَن أَبيت خَفِيف الْمعدة لأصبح وَأَنا أشتهي الطَّعَام وأتغدى مَعَ الْحرم
ثمَّ بكر بالركوب غَدَاة يَوْم الْجُمُعَة متنسما وَركب مَعَه جَعْفَر بن يحيى فرأيته وَقد أَدخل يَده فِي كم جَعْفَر حَتَّى بلغ بدنه فضمه إِلَيْهِ وعانقه وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وَسَار يَده فِي يَد جَعْفَر أَكثر من ألف ذِرَاع
ثمَّ رَجَعَ إِلَى مضربه وَقَالَ بحياتي أما اصطبحت فِي يَوْمك هَذَا وَجَعَلته يَوْم سرُور فَإِنِّي مَشْغُول بأهلي
ثمَّ قَالَ لي يَا جِبْرَائِيل أَنا أتغدى مَعَ حرمي فَكُن مَعَ أخي تسر بسروره
فسرت مَعَ جَعْفَر واحضر طَعَامه فتغدينا واحضر أَبَا زكار الْمُغنِي وَلم يحضر مَجْلِسه غَيرنَا وَرَأَيْت الْخَادِم بعد الْخَادِم يدْخل إِلَيْنَا فيساره فيتنفس عِنْد مسارتهم إِيَّاه وَيَقُول وَيحك يَا أبي عِيسَى لم يطعم أَمِير الْمُؤمنِينَ بعد وَأَنا وَالله خَائِف أَن تكون بِهِ عِلّة تَمنعهُ من الْأكل
وَيَأْمُر كلما أَرَادَ أَن يشرب قدحا أَبَا زكار أَن يُغْنِيه
(إِن بني الْمُنْذر حِين انقضوا ... بِحَيْثُ شاد الْبيعَة الراهب)
(أضحوا وَلَا يُرهبهُمْ رَاهِب ... حَقًا وَلَا يرجوهم رَاغِب)
(كَانَت من الْخَزّ لبوساتهم ... لم يجلب الصُّوف لَهُم جالب)
(كَأَنَّمَا جئتهم لعبة ... سَار إِلَى لبن بهَا رَاكب) السَّرِيع
فيغنيه أَبُو زكار هَذَا الصَّوْت وَلَا يقترح عَلَيْهِ غَيره
فَلم تزل هَذِه حَالنَا إِلَى أَن صليت الْعَتَمَة
ثمَّ دخل إِلَيْنَا أَبُو هَاشم مسرور الْكَبِير وَمَعَهُ خَليفَة هرثمة بن أعين وَمَعَهُ جمَاعَة كَثِيرَة من الْجند
فَمد يَده خَليفَة هرثمة إِلَى يَد جَعْفَر ثمَّ قَالَ لَهُ قُم يَا فَاسق قَالَ جِبْرَائِيل وَلم أكلم وَلم يُؤمر فِي بِأَمْر وصرت إِلَى منزلي من سَاعَتِي وَأَنا لَا أَعقل
فَمَا أَقمت فِيهِ إِلَّا أقل من مِقْدَار نصف سَاعَة حَتَّى صَار إِلَيّ رَسُول الرشيد يَأْمُرنِي بالمصير إِلَيْهِ فَدخلت إِلَيْهِ وَرَأس جَعْفَر فِي طشت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ

نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست