قَالَ وَلما قدم أنس بن مَالك خَادِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعرَاق إِلَى الْمَدِينَة كَانَت تعجبه صَلَاة عمر بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ عمر أميرها فصلى أنس خَلفه فَقَالَ مَا صليت خلف إِمَام بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشبه صَلَاة بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إمامكم هَذَا وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود ويخفف الْقعُود وَالْقِيَام اسْتِخْلَاف عمر وكراهيته ذَلِك وحيلة رَجَاء فِي إبرام الْبيعَة
وَكَانَ لِسُلَيْمَان بن عبد الْملك ابْن يُقَال لَهُ أَيُّوب بن سُلَيْمَان فعقد لَهُ ولَايَة الْعَهْد من بعده ثمَّ إِن أَيُّوب توفّي قبل سُلَيْمَان وَلم يبْق لِسُلَيْمَان ولد إِلَّا صَغِير فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة أَرَادَ أَن يسْتَخْلف فحضره عمر بن عبد الْعَزِيز ورجاء بن حَيْوَة فَقَالَ لرجاء اعْرِض عَليّ وَلَدي فِي القمص والأردية فعرضهم عَلَيْهِ فَإِذا هم صغَار لَا يحْتَملُونَ مَا لبسوا من القمص والأردية يسحبونها سحبا فَنظر إِلَيْهِم وَقَالَ يَا رَجَاء
(إِن بني صبية صغَار ... أَفْلح من كَانَ لَهُ كبار)
فَقَالَ لَهُ عمر بن عبد الْعَزِيز ياأمير الْمُؤمنِينَ يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} ثمَّ قَالَ يَا رَجَاء اعْرِض عَليّ بني فِي السيوف فقلدهم السيوف ثمَّ عرضهمْ عَلَيْهِ فَإِذا هم صغَار لَا يحملونها يجرونها جرا فَنظر إِلَيْهِم وَقَالَ
(إِن بني صبية صيفيون ... أَفْلح من كَانَ لَهُ ربعيون)